تعد نسبة التداول Current Ratio من أهم المؤشرات المالية المستخدمة لتقييم قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها المالية القصيرة الأجل. تعكس هذه النسبة مدى قدرة الشركة على تسديد ديونها الحالية باستخدام أصولها المتداولة، مما يوفر رؤية واضحة عن سيولتها المالية واستقرارها الاقتصادي. تعد نسبة التداول أداة أساسية للمستثمرين والمحللين الماليين لتحديد مدى مرونة الشركة في مواجهة التحديات المالية الطارئة.
سنتعرف على مفهوم نسبة التداول، وكيفية حسابها، وأهميتها في تحليل الأداء المالي للشركة، بالإضافة إلى كيفية تفسير نتائجها واستخدامها في اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.
تعريف نسبة التداول Current Ratio
تعد نسبة التداول Current Ratio إحدى نسب السيولة المالية التي تُستعمل في كل أنحاء الصناعات لتقييم سيولة الشركة على المدى القصير، وتقيس هذه النسبة قدرة الشركة على توليد أموال كافية لسداد ديونها المستحقة خلال عام واحد. يمكن احتسابها عن طريق قسمة أصولها المتداولة أي قصيرة الأجل على خصومها المتداولة، وتسمى هذه النسبة أيضًا بنسبة التداول أو نسبة رأس المال العامل. كما أنها تشكل مقياس عالمي لقياس الصحة المالية للشركة. يطلق على نسبة التداول العديد من الأسماء مثل نسبة السيولة الجارية ومعدل التداول ومعدل رأس المال العامل ونسبة التداول.
تفسير نسبة التداول
يختلف النطاق المقبول لنسبة التداول باختلاف نوع الصناعة إلا أنه عندما تكون نسبة الشركة بين 1,5 – 3 فهذه يدل على أن الشركة في صحة مالية جيدة، بينما عندما تكون نسبة الشركة أقل من 1 فهذا يمكن أن يعرض الشركة لمشاكل في السيولة لكن ربما لا تواجه الشركة أزمة حادة إذا كانت قادرة على تأمين السيولة من مصادر أخرى أما عندما تكون النسب أكبر من 3 فهذا يعني أن الشركة لا تستعمل أصولها المتداولة الاستعمال الأمثل أو أنها لا تستطيع على إدارة رأس المال العامل بصورة صحيحة، ويُحسب رأس المال العامل عن طريق إيجاد الفرق بين الأصول المتداولة والخصوم المتداولة.
كيفية حساب نسبة التداول Current Ratio
تُحسب نسبة التداول باستعمال رقمين يستخرجان من الميزانية العمومية Balance Sheet أو قائمة المركز المالي، وهما الأصول قصيرة الأجل و الخصوم قصيرة الأجل وتحسب المعادلة بالطريقة التالية
نسبة التداول current ratio = الأصول قصيرة الأجل current assets ÷ الخصوم قصيرة الأجل current liabilities
وبعدها يُتحكم بالرقم المستخرج إما موازنة بالشركات المنافسة أو تبعًا للنسب المعيارية في الصناعة.
مكونات نسبة التداول
تتشكل نسب التداول من بندين رئيسين هما: الخصوم المتداولة والأصول المتداولة.
- الخصوم المتداولة Current Liabilities
هي التزامات أو ديون أو المطلوبات يجب سدادها خلال عام أو أقل، وتظهر هذه الخصوم في قائمة المركز المالي للشركة، على سبيل المثال، أوراق الدفع، والديون قصيرة الأجل، والجزء المتداول من الخصوم طويلة الأجل، والرواتب، وضريبة الدخل، وغيرها، وتجمع هذه البنود للحصول على الخصوم المتداولة وتختلف البنود تبعًا للصناعة
تشمل الالتزامات المتداولة جميع الالتزامات والحسابات التي تُستحق خلال عام واحد من الديون مثل: الذمم الدائنة ورواتب الموظفين والمسؤوليّة الضريبيّة…إلخ.
- الأصول المتداولة Current Assets
توجد في قائمة المركز المالي، وهي الأصول التي نستطيع تسييلها أو تحويلها إلى نقود أثناء العام وهو سنة أو أقل، على سبيل المثال، الأوراق المالية، والنقد ومافي حكمه، وحسابات القبض، والمصاريف المدفوعة مقدمًا، و المخزون وغيرها، وتجمع هذه البنود للحصول على الأصول المتداولة وتختلف هذه البنود باختلاف الصناعة. وهناك بند يسمى إجمالي الأصول، وهو يشمل الأصول المتداولة ونوع آخر من الأصول وتسمى الأصول طويلة الأجل كالمعدات، والأصول غير الملموسة، والأوراق المالية طويلة الأجل، وأي أصل يمتد لأكثر من سنة.
تعد نسبة التداول إحدى مقاييس الصحة المالية للشركة، ولكنها ليست المقياس المالي الوحيد إذ يستعمل المحللون الماليون الكثير من نسب السيولة مثل نسبة السيولة السريعة Quick Ratio وغيرها حتى يحكم على أداء الشركة.
تضم الأصول المتداولة أي أصول يمكن بيعها وتحويلها إلى نقود خلال عام واحد، مثل: النقد والمخزون والنقد المكافئ Cash equivalents الأوراق الماليّة القابلة للتداول والذمم المدينة والحسابات المدفوعة مسبقًا للنفقات والمصروفات.
محددات نسبة التداول
هناك عنصران يستخدمان عادة عند حساب الأصول المتداولة لا يسهل تحويلهم إلى سيولة نقدية، وهما الذمم المدينة، أي الأموال التي تدين بها الشركات الأخرى للشركة؛ والمخزون وهو المنتجات المكتملة والمواد المستخدمة في صنعها. ولهذا السبب، قد لا تكون النسبة المتداولة المقياس الأنسب لسيولة الشركة قصيرة الأجل.
وأيضاً، قد لا تكون نسبة التداول التي يتم حسابها في الشركات التي تكون مبيعاتها موسمية بدرجة كبيرة قادرة على تقديم صورة حقيقية عن سيولة الشركة بناء على الفترة الزمنية المختارة.
أهمية نسبة التداول ودورها في فهم الوضع المالي للشركة
لنوضح أهمية البيانات وسياقها سنأخذ المثال التالي لنفرض أن لدينا بيانات شركتين تعملان في نفس المجال وعن نفس الفترة المبالغ بالملايين.
البيانات | شركة أ | شركة ب |
---|---|---|
الأصول المتداولة Current Assets | 750 | 900 |
الخصوم المتداولة Current Liabilities | 325 | 700 |
نسبة التداول Current Ratio | 2 | 1.29 |
رأس المال العامل Working Capital | 325 | 200 |
فمن الملاحظ أن الشركة الأولى “أ” تتمتع بسيولة أفضل من شركة الثانية “ب” إذ أن كل دولار في من الالتزامات في شركة الأولى يقابلها دولارين من الأصول المتداولة التي يمكن تحويلها بسهولة للنقد عن نفس الفترة. في حين كل دولار التزام على شركة أم أم في الفترة القصيرة يقابله 1.29 دولار فقط من الأصول التي تتحول للنقد بسهوله. و صافي رأس المال العامل بالنسبة لشركة الأولى هو 325 وهو أعلى من رأس المال العامل في الشركة الثانية والذي هو 200 فقط.
من النظرة المبدئية فإن شركة الأولى أفضل من الشركة الثانية، لكن ماذا لو فرضنا أن نسبة التداول في الشركات الناجحة هي 1.30 أو لو فرضنا انها النسبة القياسية، فماذا يعني هذا؟
يعني أن شركة الثانية لديها نسبة سيولة مقبولة نسبيًا وأن الشركة الأولى لديها سيولة أعلى عن المعدل الطبيعي أي لديها أموال نقدية أو شبه نقدية زائدة وغير مستخدمة أو أن لديها مخزون مرتفع غير مجدي أو لديها نظام تحصيل غير جيد من العملاء أو سياسة ائتمانية غير جيدة وكل هذا يعني عدم استغلال الأموال المتاحة لتحقيق أرباح للشركة.
لكن هنالك أيضًا بعض الحالات التي يمكن أن تكون النسبة خادعة لنستكشف معًا كيف يحدث ذلك.
كيف يمكن أن تخدعنا نسبة التداول؟
يوضح المثال التالي كيف يمكن أن تكون نسبة التداول خادعة عند النظر إليها بمفردها، في المثال التالي لدينا بيانات مالية لشركتين تعملان في نفس المجال وهذه البيانات لنفس الفترة الزمنية، علمًا أن الأرقام بالملايين.
البيانات | شركة أ | شركة ب |
---|---|---|
الأصول المتداولة Current Assets | 800 | 700 |
الخصوم المتداولة Current Liabilities | 400 | 700 |
نسبة التداول Current Ratio | 2 | 1 |
صافي رأس المال العامل Net Working Capital | 400 | 0 |
نسبة التداول في الشركة الأولى “أ” هي 2:1 أي أن كل دولار يفترض على الشركة دفعة في المدى القصير يواجه دولارين من الأصول المتداولة للشركة أي أن كل دولار من الخصوم المتداولة يغطيه الأصول المتداولة مرتين.
أما في الشركة الثانية “ب” نجد أن نسبة التداول 1 أي 1:1 أي أن كل دولار من الخصوم المتداولة يغطية دولار واحد فقط من الأصول المتداولة. وأيضا صافي رأس المال العامل في الشركة الأولى 400 في حين رأس المال العامل في شركة أيه أيه هو صفر.
من النظرة المبدئية فإن الشركة الأولى أفضل من الشركة الثانية إذ لديها نسبة سيولة جيدة ولا تواجهة مشاكل مادية على المدى القريب، وأيضا الشركة الثانية قد تواجهة مشاكل مادية على المدى القريب بسبب السيولة.
لو اضفنا بعض المعلومات الأخرى عن الشركتين:
البيانات | شركة أ | شركة ب |
---|---|---|
الأصول المتداولة Current Assets | 800 | 700 |
الخصوم المتداولة Current Liabilities | 400 | 700 |
نسبة التداول Current Ratio | 2 | 1 |
صافي رأس المال العامل Net Working Capital | 400 | 0 |
مدة تحصيل المبيعات الآجلة | تحصل مبيعاتها الآجلة من العملاء بعد ستة شهور من تاريخ فاتورة البيع. | تحصل مبيعاتها الآجلة من العملاء شهر واحد من تاريخ البيع فاتورة البيع. |
فترة دوران المخزون | سنة كاملة أي أن المخزون يتحول لنقد خلال سنة كاملة. | شهرين أي يتحول لنقد خلال ثلاثة أشهر. |
تدفع المستحقات للموردين بعد فترة 60 يوم. | تدفع المستحقات للموردين بعد فترة 60 يوم. |
من هذه المعلومات يتضح لنا أن الشركة الأولي حركة المخزون لديها بها تأخير أي أن الشركة الثانية المخزون يتحول إلى نقد كل 60 يوم أي دورة المخزون للنقد تحدث كل سنة ستة مرات في حين الشركة الأولي دورة المخزون وتحوله لنقد تحدث مرة واحدة في السنة وأيضا الشركة الثانية تحصل مستحقاتها من العملاء كل شهر في حين الشركة الاولي تحصل مستحقاتها من العملاء كل ستة أشهر .
وهذا يوضح مع أن الشركة الأولي يشير مؤشر السيولة أنه الأفضل ولكن عناصر الأصول المتداولة لديها بطيئه عن الشركة الثانية وهذا يدل أن الشركة الأولي من المؤكد حدوث بها تعثرات مالية قريبة مع أن مؤشرات السيولة بها عالية والشركة الثانية مع أن مؤشر السيولة بها متدني ولكن عناصر الأصول المتداولة سريعة التحول للنقد وهذا ما يجعلها تواجه أي مشاكل سيولة مستقبلية لسرعة تحول عناصر الأصول المتداولة بها .
فنلاحظ قد تبين بعض الأشياء في الدراسة مشاكل غير واضحة من نتيجة التحليل لذا كان هناك تحليلات أخرى لتوضيح هذه النقاط و يجب على المحلل الدراسة بشكل مفصل وأن يكون لديه الحث من كثرة التحليلات للمؤشرات التي يستطيع الاستفادة منها ولا يهتم كثيرا بالنسبة السريعة دون النظر إلى دورة النقدية التي تعتبر توضح جميع المشاكل الأخرى التي تم عرضها في المثال الأخير وهي سرعة تحول هذه النقدية أو بطئها.
توضح دورة التحول النقد المدة التي تتحول فيها عناصر الأصول المتداولة للنقد ونظرًا لأهميتها نذكرها ضمن نسب السيولة كمؤشر مستقل.
الخاتمة
تعرفنا على النسبة الحالية Current Ratio وهي إحدى النسب المالية التي تُستعمل في كل أنحاء الصناعات لتقييم سيولة الشركة على المدى القصير، وهذه النسب تقيس قدرة الشركة على توليد ما يكفي لسداد ديونها عند الاستحقاق، وتُحسب نسبة التداول باستعمال رقمين يستخرجان من الميزانية العمومية قائمة المركز المالي، وتعرفنا على مكونات نسبة التداول.