تتنوع الظواهر والتقلبات التي تؤثر على الأسواق المالية وتحدد مسارها. من بين هذه الظواهر، تأتي الفقاعات الاقتصادية، وانهيارات السوق، والتصحيحات، والتي تشكل محطات هامة في دورة حياة الأسواق المالية. لكل من هذه الظواهر خصائصها وأسبابها وتداعياتها التي تميزها عن غيرها، إلا أنها غالبًا ما تكون مترابطة ومؤثرة بعضها على بعض. فهم الفروق الدقيقة بينها والعلاقة التي تجمعها يعتبر أمرًا جوهريًا للمستثمرين والمحللين الاقتصاديين على حد سواء.
سنسلط الضوء على الفروق بين الفقاعة الاقتصادية، والانهيار السوقي، والتصحيحات، وكيفية تفاعل هذه الظواهر مع بعضها، مما يساعد في توفير رؤية شاملة ودقيقة حول ديناميكيات الأسواق المالية.
ما هي الفقاعة الاقتصادية Economic Bubble؟
تُعرف الفقاعة بأنها ظاهرة تبدأ بتوسّع سريع في السوق، يليها انكماش حاد فيه. تتميز الفقاعة بازدياد أسعار الأصول بأكثر من قيمتها الأساسية بهامش كبير، وتستمر بالارتفاع حتى تصل إلى نقطة السقوط الحر ليتبعها انفجار الفقاعة.
تحدث الفقاعة عندما يزيد طلب المستثمرون على أسهم محددة، مما يؤدي إلى ارتفاع قيمتها الحالية بطريقة غير منطقية ولا تعكس قيمة الأسهم الفعلية التي تُحدّد اعتمادًا على أداء الشركات المُصدرة لهذه الأسهم. أطلق على هذه الظاهرة اسم الفقاعة لأنها تشبه إلى حد ما ما يحدث لفقاعات الصابون عندما يحاول الأولاد نفخها ويستمرون بالنفخ ليزداد حجمها حتى تنفجر، كذلك الفقاعات الاستثمارية تظهر غالبًا أثناء توقع أن قيمة الاستثمارات ستستمر بالارتفاع إلى الأبد فيستمرون بالشراء حتى تنفجر هذه الفقاعة وتتبدد أموالهم المستثمرة في مهب الرياح.
من أمثلة على حالات الفقاعات الاقتصادية التي حدثت على مر التاريخ نذكر:
- جنون أزهار التوليب الهولندية 1637.
- شركة البحر الجنوبي 1720.
- فقاعة القنوات الإنجليزية.
- فقاعة الطرق الحديدية.
- فقاعة سوق البناء في فلوريدا في الولايات المتحدة 1926.
- فقاعة بوسايدون 1970.
- فقاعة الإنترنت 2000.
- الفقاعة الإسكانية في الولايات المتحدة (أزمة الرهن العقاري) 2007.
- فقاعة سوق الأسهم السعودي 2006.
انهيار سوق الأسهم Stock Market Crash
يتمثل الانهيار بانخفاض ضخم في القيمة الإجمالية للسوق، ويكون نتيجة لانفجار الفقاعة إذ ينشأ وضع يحاول فيه معظم المستثمرين في نفس الوقت الفرار من السوق، وبالتالي تكبّد خسائر ضخمة، وفي محاولة لتجنب المزيد من الخسائر أثناء فترة الانهيار، ويُسارع المستثمرون لبيع الأسهم بكميات كبيرة وبأسعار قليلة قبل أن يعلم مستثمرون آخرون عن انخفاض قيمتها. يساهم هذا التهافت على البيع في انخفاض السوق الذي انهار أساسًا ويمتد التأثير على الجميع، ومن الملاحظ أن الانهيارات في سوق الأوراق المالية يتبعها عادة فترة من الكساد.
العلاقة بين الانهيار والفقاعة كالعلاقة بين الغيوم والمطر، فالغيوم هي الفقاعات والمطر هو الانهيار، في الكثير من الأوقات هنالك غيوم بلا أمطار ولكن لا يمكن أن يكون هناك مطر بلا غيوم، وبشكل مشابه تكون هناك أحيانًا فقاعات بدون انهيار ولكن لا يمكن أن يكون هناك انهيار بدون فقاعة، معظم انهيارات الأسواق التي حدثت عبر التاريخ كانت نتيجة لفقاعات سبقتها، وكلما كانت هذه الفقاعة أكبر كلما كان الانهيار كارثي أكثر.
التصحيحات Correction
أما بالنسبة للتصحيحات تكون غالبًا كانخفاض مؤقت في أسعار الأوراق المالية، إذ يقطع هذا الانخفاض المدة الطويلة التي كانت فيها الأسعار ترتفع في السوق أو ترتفع في إحدى الأصول، وتكون فترتها أقصر من حالة الهبوط في الأسواق التي تستمر الأسعار فيها بالهبوط لفترة طويلة نسبيًا ويتوقع المستثمرون فيها هبوطًا مستمرًا للأسعار، وأيضًا تختلف عن حالة الركود الاقتصادي، ولكن من الممكن أن تكون نذيرًا لهاتين الحالتين، إذ سبق وصنفت بعض الحالات الخاطئة على أنها تصحيحات مثل الانهيار الكبير عام 1987. بالرغم من ذلك لا يجب أن يُسمى أي انخفاض أسعار بتصحيحات حتى يتوقف هذا الانخفاض الحاد أثناء مدة معقولة.
من الضروري أن نميز بين الانهيار والتصحيح، إذ يكون التصحيح حركة معاكسة وأحيانًا تكون سلبية بنسبة لا تقل عن 10% من قيمة الأسهم والسندات بحيث تكون مؤشر لضبط التقييم المبالغ فيه لأسعار هذه الأسهم والسندات ولكن لا يفترض ألا تتجاوز الخسارة 20% من القيمة في السوق.
الخاتمة
تعرفنا على الفقاعة والانهيار في السوق، إذ تكون الفقاعة ظاهرة ارتفاع سعر سهم ما في السوق يمكن أن يليها انكماش حاد، أما الانهيار فيتمثل في انخفاض ضخم في القيمة الإجمالية للسوق، تكون العلاقة بين الفقاعة والانهيار كالعلاقة بين الغيوم والمطر، في الكثير من الأوقات هنالك غيوم بلا أمطار ولكن لا يمكن أن يكون هناك مطر من غير غيوم؛ هذا المثال الأقرب لهذه الفكرة.