تمثل الميزانية العمومية للشركة محطة مهمة لمستثمري الأسهم في حال رغبتهم بالاستثمار في أسهم هذه الشركة. تشكل الميزانية العمومية انعكاس لما تملكه الشركة وما تدين به للآخرين. تُقيّم قوة الميزانية من خلال ثلاث فئات من مقاييس جودة الاستثمار Investment Quality Measurements وهي كفاية رأس المال العامل وأداء الأصول وهيكل رأس المال.
سنشرح كل واحدة منها وكيف تؤثر على طريقة تقييم ميزانية الشركة.
قياس دورة تحويل النقد Cash Conversion Cycle
تُعد دورة تحويل النقد Cash Conversion Cycle والتي يُرمز إليها اختصارًا CCC مؤشرًا رئيسيًا لمدى كفاية رأس المال العامل في الشركة، ويُشار إليها أيضًا باسم دورة التشغيل. كما لها أهمية كبيرة في قياس مدى كفاءة المنشأة في إدارة اثنين من الأصول الأساسية هما الحسابات المدينة والمخزون.
تُحسب دورة تحويل النقد بالأيام، وهي المدة الزمنية التي تستغرقها شركة ما من بداية صرف النقد إلى شراء المواد الأولية والخدمات حتى تحصيل النقد من المبيعات الناتجة عن هذه الخدمات والمواد الأولية. كلما كان طول هذه الدورة أقصر كلما كان أفضل. إذ تُعد النقدية المفتاح الذهبي للشركة، ويعلم المدير الناجح أن الاستثمار في رأس مال عامل سريع الحركة يدرّ ربحية أعلى.
تُحسب دورة تشغيل النقد وفق المعادلة التالية: CCC = DIO + DSO – DPO
إذ أن:
- DIO: أيام المخزون الموجود Days Inventory Outstanding.
- DSO: أيام المبيعات الآجلة الموجودة Days Sales Outstanding.
- DPO: أيام الحسابات الدائنة المستحقة Days Payable Outstanding.
فمثلًا، في حال كان عدد أيام المخزون الموجود هو 30 يومًا وأيام المبيعات الآجلة الموجودة هي 60 يومًا وأيام الحسابات الدائنة المستحقة 45 يومًا، ستصبح المعادلة كالتالي:
دورة النقد = 30 + 60 – 45 = 45 يوم
يعني هذا أن الشركة بحاجة إلى 45 يومًا لكي تكمل الدورة وتستعيد النقدية التي دفعتها لشراء المواد الأولية الداخلة في تصنيع المنتجات المباعة.
لا يوجد مقياس مثالي موحّد لدورة تحويل النقد، لأنها تتأثر كثيرًا بنوعية المنتجات والخدمات التي تقدّمها الشركة وخصائص الصناعة أيضًا.
يجب أن يتبع المستثمر الذي يبحث عن جودة الاستثمار في ميزانيات الشركات دورة تشغيل النقد للشركة على فترات طويلة من الزمن مثل عشر سنوات، وموازنة أداء الشركة مع أداء المنافسين. يُعد اتساق وانخفاض مدة دورة تشغيل النقد للشركة عن مثيلاتها من الشركات المنافسة إشارةً إيجابيةً للمستثمرين، وعلى العكس، يمثل عدم انتظام فترات التحصيل وازدياد مدة الاحتفاظ بالمخزون إشارات سلبية لجودة الاستثمار.
قياس معدل دوران الأصول الثابتة Fixed Asset Turnover Ratio
تشكل نسبة دوران الأصول الثابتة Fixed Asset Turnover Ratio رقمًا كبيرًا في ميزانيات الشركات، مثل العقارات والمباني والآلات أو ما يُعرف بالأصول الثابتة، وتُمثل بمفردها غالبًا الحصة الأكبر من إجمالي أصول الشركة. لابد من مُلاحظة أن مصطلح الأصول الثابتة هي الاختزال المالي لـ Property, plant, and equipment أو PP&E الموجودة في الميزانيات العمومية للشركات.
يعتمد حجم استثمار الشركة في الأصول الثابتة على طبيعة عمل هذه الشركة، إذ تحتاج بعض خطوط الأعمال إلى كثافة رأسمالية أعلى من غيرها. يحتاج منتجي المعدات الرأسمالية الكبيرة على سبيل المثال إلى نسبة كبيرة من الاستثمارات في الأصول الثابتة، في حين يحتاج منتجي البرمجيات وشركات الخدمات إلى نسبة صغيرة نسبيًا من الأصول الثابتة.
تشكّل الأصول الثابتة نسبة تتراوح بين 30% – 40% من أصول الصناعات السائدة عمومًا. ولذلك فهي نسبة متغيرة بين الصناعات.
يُحسب معدل دوران الأصول الثابتة بالمعادلة التالية:
معدل دوران الأصول الثابتة = صافي المبيعات Net Sales / متوسط إجمالي الأصول الثابتة Average Fixed Assets
يُحسب متوسط الأصول الثابتة من خلال جمع قيم الأصول الثابتة في نهاية المدة لعدة فترات مالية وقسمة المجموع على عدد الفترات، على سبيل المثال، قيمة الأصول الثابتة في نهاية عام 2006 + قيمة الأصول الثابتة في نهاية عام 2007 / 2.
يأخذ المستثمر فكرة عن كفاءة الشركة في إدارة الجزء المهم من أصولها من خلال موازنة معدل دوران الأصول الثابتة لشركة ما مع القيمة في السنوات السابقة للشركة نفسها ومع الشركات المنافسة، إذ يكون معدل الدوران مقياسًا لإنتاجية الأصول الثابتة وقدرتها على تحقيق المبيعات. كلما زاد عدد مرات دوران الأصول الثابتة كلما كان ذلك أفضل. بالتالي يجب على المستثمر أن ينظر إلى معدلات دوران الأصول الثابتة العالية والمتسقة مع المنافسين كصفات إيجابية للاستثمار في ميزانية الشركات.
قياس معدل العائد على الأصول Return on Assets Ratio
يُعد معدل العائد على الأصول Return on Assets Ratio والذي يُشار إليه أيضًا ROA أحد نسب الربحية للشركة، إذ يُظهر مقدار ربح الشركة على أصولها الإجمالية وهو مُفيد كمؤشر على أداء الأصول أيضًا.
يُحسب معدل العائد على الأصول ROA كنسبة مئوية وفق المعادلة التالية:
معدل العائد على الأصول ROA = الدخل الصافي Net Income / متوسط إجمالي الأصول Average Total Assets
يُحسب متوسط إجمالي الأصول من خلال جمع قيم إجمالي الأصول في نهاية المدة لعدة فترات مالية وقسمة المجموع على عدد الفترات، على سبيل المثال: قيمة إجمالي الأصول في نهاية عام 2006 + قيمة إجمالي الأصول في نهاية عام 2007 / 2.
يُعبّر عن معدل العائد على الأصول ROA بمقابلة الدخل الصافي الذي يظهر في الصف الأخير من قائمة الدخل مع متوسط إجمالي الأصول. يُشير ازدياد النسبة إلى ربحية عالية للشركة وكفاءة إدارة الأصول. كما يكون أفضل تحليل وتوظيف لهذه النسبة بموازنتها مع أداء الشركة نفسها أثناء السنوات السابقة، ومع الشركات التي تعمل في نفس مجال الأعمال.
قياس تأثير الأصول غير الملموسة Intangible Assets
تُعد الأصول غير الملموسة Intangible Assets أصولًا غير مادية، ويزيد عمر الأصل الإنتاجي عن سنة واحدة. يمكن تصنيفها بالأساس إلى نوعين:
- أصول غير ملموسة ذات عمر محدود.
- أصول غير ملموسة ذات عمر غير محدود.
تتنوّع الأصول غير الملموسة وتأتي قوتها أحيانًا من تنوعها ومكانتها كمنظومة متكاملة، وهذه أبرز العناصر التي تُصنف كأصولًا غير ملموسة:
- الأصول غير الملموسة المرتبطة بالتسويق، مثل:
- العلامات التجارية Trademarks.
- عناوين الصحف Newspaper Mastheads.
- اتفاقيات عدم المنافسة Noncompetition Agreements.
- أسماء مجالات الإنترنت Domain.
- الأصول غير الملموسة المرتبطة بالعملاء، مثل:
- قوائم العملاء Customer Lists.
- علاقات العملاء Customer Relationships.
- تأخر الطلب Order Backlog.
- الأصول الفنية غير الملموسة، على سبيل المثال:
- الفعاليات.
- الأعمال الأدبية.
- المصنفات الموسيقية والصور والبرامج والأفلام التلفزيونية.
- الأصول غير الملموسة المرتبطة بالعقود، مثل:
- اتفاقيات الترخيص Licensing Agreements.
- عقود الخدمة Service Contracts.
- عقود الإيجار Lease Agreements.
- اتفاقيات الامتياز Franchise Agreements.
- حقوق البث Broadcast Rights.
- عقود توظيف Employment Contracts.
- حقوق الاستخدام مثل حقوق الحفر بمكان محدد أو حقوق استخدام المياه.
- الأصول غير الملموسة المرتبطة بالتكنولوجيا، مثل:
- برمجيات الحاسب.
- تكنولوجيا جديدة حاصلة على براءة اختراع.
- الأسرار التجارية مثل الوصفات السرية والصيغ الرياضية.
تختلف المصطلحات المستخدمة في عنونة حسابات الأصول غير الملموسة وتختلف طريقة عرضها أيضًا في الميزانيات العمومية، وتُخفى الأصول غير الملموسة غالبًا ضمن أصول أخرى ويكون الإفصاح عنها فقط في المذكرات الموجّهة إلى الماليين.
تختلف المصطلحات المستخدمة في عنونة حسابات الأصول غير الملموسة وتختلف طريقة عرضها أيضًا في الميزانيات العمومية، وتُخفى الأصول غير الملموسة غالبًا ضمن أصول أخرى ويكون الإفصاح عنها فقط في المذكرات الموجّهة إلى الماليين.
تُعد الأموال التي تتضمنها الملكية الفكرية والرسوم المؤجلة عمومًا ليست مادية، وبالتالي فهي لا تحتاج إلى تحليل دقيق في معظم الحالات. إلا أن قيمة الشهرة تظهر في ميزانيات الشركات وتحتاج إلى تدقيق كبير من قبل المستثمرين.
لا يرتاح بعض خبراء الاستثمار للمبالغ الضخمة للشهرة، فالسمعة التي تُشترى اليوم يمكن أن تتحول غدًا إلى وحش قبيح. وحده الزمن كفيل بأخبارنا في حال كان سعر الاستحواذ المدفوع من قبل الشركة المستحوذة عادلًا بالفعل أم لا، ولن تحقق عوائد الشركة المستحوذة إلا إذا استطاعت تحويل هذا الاستحواذ إلى أرباح إيجابية في المستقبل.
يطرح المحللون المتحفظون قيمة الشهرة المشتراة من حقوق ملكية المساهمين للوصول إلى صافي القيمة المادية الملموسة للشركة. ويترتب علينا أن نحاول استعمال المنطق السليم للحكم على ذلك نظرًا لعدم وجود أي قياس دقيق يسمح بالحكم على أثر هذا الطرح. يجب على المستثمرين الحذر إذا كان طرح الشهرة المشتراة يُؤثر بطريقة سلبية على موقف حقوق ملكية المساهمين للشركة. فمثلًا، حتى إذا كانت نسبة الاستدانة في الميزانية العمومية لشركة ما معتدلة، فسيكون وضع الشركة سيئًا جدًا في حال كانت متطلبات الديون تزيد زيادةً كبيرةً عن موقف حقوق الملكية الملموسة للشركة.
تشكل شهرة الشركات مسألة مهمة جدًا في المحاسبة المالية عند استحواذ الشركات على شركات أخرى. كما يجب أن ينتبه المستثمرين على قيمة الشهرة المشتراه الظاهرة في الميزانية العمومية إذا كانت مرتفعة نسبيًا، يحكم تأثير هذا الحساب على جودة الاستثمار في الميزانية العمومية من خلال موازنة حجمه مع حقوق ملكية المساهمين ومع معدل نجاح الشركة في الاستحواذات.
الخاتمة
تعرفنا على كيفية تقييم الشركات من ميزانيتها وكيفية قراءة ميزانية الشركات، إذ يمثل جانب الأصول في الميزانية ما تملكه الشركة من عناصر؛ سواءً كانت بحوزتها أو تعود ملكيتها للشركة، وتُعد الحسابات المدينة مثل المخزون والأصول الثابتة والأصول غير الملموسة من أكثر حسابات الأصول أهميةً بالنسبة للمستثمر في الميزانية العمومية، وبالتالي، تُدير الإدارة المالية الناجحة بأسلوب إدارة مثالي لهذه الحسابات الأربعة الأساسية في الميزانية العمومية، وتعتمد عملية بناء المحافظ القوية على معرفة كيفية قراءة وتحليل القوائم المالية بطريقة جيدة.