يُشير مصطلح لعنة الموارد Resource Curse والمعروف أيضًا باسم مفارقة الوفرة Paradox of Plenty إلى الظاهرة التي تحدث في البلدان الغنية تجاه وفرة الموارد الطبيعية مثل المعادن والوقود الأحفوري، إذ تُشكّل هذه الموارد مجموعةً من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وسنقدّم شرحًا كاملًا عن لعنة الموارد أسبابها ومظاهرها والعلاجات المحتملة لها.
تواجه الدول التي تمتلك الكثير من الثروات الطبيعية التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على حد سواء، وتشير اللعنة إلى فشل الأنظمة الاقتصادية في تحقيق الاستمرار الأمثل للثروات الطبيعية لهذه الدول، وعدم قدرتها على استثمارها بطريقة تُحقق الكفاءة الاقتصادية.
ما هي لعنة الموارد Resource Curse؟
يصف مصطلح لعنة الموارد أو مفارقة الوفرة إلى حالة الإخفاق الاقتصادي التي تصيب بعض الدول الغنية بالثروات الطبيعية مثل الغاز أو النفط الطبيعي أو المعادن الثمينة، وتعجز عن تحقيق الاستثمار الأمثل لهذه الثروات، ولا تقدر على تلبية احتياجات الرفاهية العامة لمواطنيها، كما تعاني هذه الدول من انخفاض مستمرّ في معدلات الدخل، خصوصًا بعد اكتشاف هذه الثروات الطبيعية في أراضيها، إذ ستعاني هذه الدول من العديد من النزاعات والمشاكل بدلًا من تحقيق معدلات متزايدة في مستويات الدخل.
يؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار الاقتصادي، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، وهذا ما هو إلا نتيجة سلطوية النظام السياسي، وتفرّده في اتخاذ القرارات موازنةً بدول أخرى لا تمتلك مثل هذه الثروات، لذلك سوف نضع الخطوط العريضة لأبرز التحديات الاقتصادية والسياسية التي تشكّل النواة الرئيسية لإصابة هذه الدول بلعنة الموارد.
أسباب لعنة الموارد وآثارها الاقتصادية والسياسية
تتعدد أشكال الثروات الطبيعية ولكلّ منها طبيعة مختلفة عن الأخرى، فمنها ما هو متجدد مثل الأنهار والغابات، ومنها ما هو ناضب وغير متجدد مثل الغاز الطبيعي والنفط والمعادن النفيسة بمختلف أنواعها، لذلك يرى الاقتصاديون وعلماء السياسة أن لكلّ ثروة من الثروات الطبيعية غير المتجددة طبيعة خاصة تميّزها عن غيرها من الثروات الطبيعية.
تظهر تلك الطبيعة المميزة في أشياء عدة وهي: ارتفاع تكاليف استخراجها، واحتياجها لمدة زمنية طويلة قبل الوصول لمرحلة الإنتاج بخلاف الطبيعة الخاصة لموقع الثروة، بالإضافة إلى اضطرار الدول إلى اللجوء لشركات دولية تمنح حق الامتياز في التنقيب عن الثروة مقابل حصولها على جزء كبير منها، ويشكّل عدم استقرار أسعار المواد الخام وتذبذب كميات الإنتاج تحديًا إضافيًا يقع على عاتق هذه الدول.
الخصائص المشتركة للدول الغنية بالثروات الطبيعية
تتعدد الخصائص المشتركة للدول الغنية بالثروات الطبيعية وسنتعرف عليها تفصيليلًا وهي كالآتي:
- الاعتماد الاقتصادي
تُعد إحدى الأسباب الرئيسية للعنة الموارد هي المبالغة في الاعتماد على موارد رئيسية واحدة أو قليلة، والاعتماد الكبير على استخراج وتصدير الموارد الطبيعية التي تٌعيق التنويع الاقتصادي، لذلك يمكن أن تكون قطاعات الاقتصاد الأخرى مهملة أو متخلفة، مثل التصنيع والزراعة والخدمات، وتواجه البلدان التي تعتمد بشدة على عائدات الموارد صدمات اقتصادية وتقلبات عندما تتغير أسعار السلع الأساسية العالمية أو تنضب احتياطيات الموارد.
- تأثر القطاعات الأخرى في الدولة
ترتبط هذه الخاصية غالبًا بالظاهرة المعروفة باسم المرض الهولندي، والذي يحدث عندما يواجه بلد غني بالموارد ارتفاعًا في قيمة عملته بسبب ارتفاع عائدات التصدير، إذ يؤدي تدفق العملات الأجنبية إلى تضخم قيمة العملة المحلية، مما يجعل القطاعات الأخرى مثل التصنيع والزراعة أقل قدرة على المنافسة في الأسواق الدولية، وتتقلص هذه القطاعات نتيجة لذلك مما يؤدي إلى انخفاض فرص العمل وفقدان التنويع الاقتصادي.
ظهر المرض الهولندي Dutch Disease في خمسينيات القرن الماضي بعد اكتشاف بئر غاز طبيعي في هولندا، إذ ازداد سعر صرف الجلدر الهولندي أي العملة الهولندية في تلك المدة بعد تصدير الغاز الطبيعي لدول أوروبا، مما تسبب بارتفاع أسعار باقي السلع المصنّعة المعدّة للتصدير، والذي أدى بدوره إلى انخفاض حجم الصادرات الهولندية، مما أثر على بقية القطاعات الاقتصادية.
يُعد لعنة الموارد من أبرز تحديات الدول الغنية بالثروات الطبيعية؛ إذ يُلحق الارتفاع في حجم عائدات الموارد الطبيعية الضرر ببقية القطاعات الاقتصادية، وخصوصًا إذا رافقه ارتفاع في معدلات التضخم أو في سعر صرف العملة المحلية، إذ تستمر الآثار السلبية للمرض الهولندي لسنوات أو عقود إذا ما صُححت فوريًا، ومن الدول التي تعرضت لآثار العنة الموارد المدمرة في القرن الماضي هي إيران، وترينداد وتوباجو، وفنزويلا، وروسيا.
يجب على الدولة وضع خطط تنموية للحد من النتائج السلبية للعنة الموارد وامتصاص أثر الزيادة الكبيرة للعوائد عن طريق تنفيذ مشاريع استثمارية، والتي تدرّ بدورها مدخولًا إضافيًا بجانب عوائد الثروات الطبيعية، على سبيل المثال تنفيذ مشاريع توليد الكهرباء أو مشاريع شق الطرق، كما يمكن للدول أن تستثمر في شراء أصول مالية أجنبية لتنوع مصادر عوائدها، وتعوّض الانخفاض في العائد في حالة تذبذب أسعار الموارد الطبيعية أو في حالة انخفاض حجم إنتاجها، وطبّقت الدول مثل تشيلي والإمارات العربيّة المتحدة والنرويج هذه الاستراتيجية أثناء الخمس وعشرين عامًا الماضية.
- تحديات الحوكمة
يؤدي ضعف الحوكمة والقصور المؤسسي دورًا في تشكيل لعنة الموارد، إذ يؤدي الفساد والسلوك الساعي إلى الريع والافتقار إلى الشفافية في إدارة الموارد إلى تفاقم الآثار السلبية لهذه المشكلة، كما يؤدي التخصيص غير المناسب لإيرادات الموارد، وسوء إدارة العقود، وعدم كفاية الأطر التنظيمية إلى تشوهات اقتصادية، وتفاوتات اجتماعية، بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي، وتقوض المؤسسات الضعيفة المساءلة وتعيق التنمية المستدامة.
- التداعيات الاجتماعية والبيئية
يؤدي استخراج الموارد إلى تدهور البيئة والصراعات الاجتماعية غالبًا، ولا سيما تحت ظل النظم الإيكولوجية الهشة والمجتمعات التي تعتمد على الموارد الطبيعية، ويهدد إلحاق الضرر بالبيئة مثل إزالة الغابات والتلوث ونضوب المياه سبل العيش المحلية ويساهم في الاضطرابات الاجتماعية، بالإضافة إلى ذلك يؤدي وجود الثروات الطبيعية إلى نزاعات على السيطرة مما يؤدي إلى العنف والتشريد وانتهاكات حقوق الإنسان.
- الاقتصاد الريعي وهشاشة البنية المؤسسية
ترتبط لعنة الموارد ارتباطًا وثيقًا بمفهوم الاقتصاد الريعي، إذ تستمد الحكومات جزءًا كبيرًا من إيراداتها من ريع الموارد بدلًا من الضرائب، ويؤدي الاعتماد الكبير على عائدات الموارد إلى إضعاف الحافز لدى الحكومات لتطوير أنظمة الضريبية الفعّالة، أو تنويع الاقتصاد، أو تعزيز قطاع خاص منّتج، وتؤدي الطبيعة الريعية للاقتصاد إلى عدم الكفاءة والفساد وإهمال الاستثمارات الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية.
تكون البنية المؤسسية للدول الغنية بالموارد هشة وضعيفة غالبًا، ولا تراعي مصلحة جميع المواطنين، وتستحوذ الصفوة الحاكمة؛ وهم جماعة من الأشخاص يشغلون مراكز النفوذ والسيطرة في مجتمع معيّن على الجزء الأكبر من عوائد الثروات، فتكون عملية الاستيلاء سهلةً عن طريق استبعاد تضمين تلك العوائد في الميزانيات الرسمية، وإفراد ميزانية خاصة تديرها الصفوة المتنفذة في الدولة، من خلال الاحتيالية الأخرى للاستيلاء على عوائد الثروات، وتأسيس كل من صناديق الثروات السيادية وشركات استخراج وطنية تسيطر عليها الصفوة المتنفذة من خلال منحها لأصدقائهم، والتي تدّعي استثمار تلك العوائد في مشاريع إنتاجية تساعد في توظيف العمالة المحلية، وتنتشر تلك الصفوة بكل أركان الأجهزة الحكومية، وهو ما يُدمّر تطوير البنية المؤسسية للدولة، مما ينعكس على جودة الخدمات الحكومية التي تقدّم للمواطنين.
- دورات التقلّب والازدهار
تشهد الاقتصادات المعتمدة على الموارد تقلّبات كبيرة ودورات ازدهار وكساد غالبًا، وتؤدي التقلبات في أسعار السلع الأساسية العالمية إلى عدم استقرار تدفقات الإيرادات وعدم الاستقرار الاقتصادي، ويمكن أن تفرط الحكومات في الإنفاق خلال فترات ارتفاع الأسعار أو تفشل في الادخار لمواجهة فترات الركود المستقبلية، مما يؤدي إلى اختلالات مالية، بالإضافة إلى ذلك تخلق الاكتشافات المفاجئة للموارد أو المكاسب غير المتوقعة توقعات غير واقعية، مما يساهم في أنماط النمو غير المستدامة وسوء الإدارة الاقتصادية.
- الروابط المحلية الضعيفة
تعرقل الروابط المحدودة بين قطاع الموارد والاقتصاد الأوسع النمو الشامل والتنمية، وتؤثر غالبًا أنشطة استخراج الموارد تأثيرًا غير مباشر ومحدود على الاقتصاد المحلي، ولا سيما عندما تهيّمن عليها الشركات متعددة الجنسيات، كما يؤدي الافتقار إلى الروابط الخلفية والأمامية مثل المشتريات المحلية ونقل التكنولوجيا وخلق فرص العمل إلى إعاقة تنمية الصناعات المحلية وإعاقة التنويع الاقتصادي.
- العوامل الجيوسياسية
تواجه البلدان الغنية بالموارد تحديات جيوسياسية غالبًا، بما في ذلك تدخل الجهات الخارجية التي تسعى لاستغلال الموارد لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، وتساهم هذه التأثيرات في عدم الاستقرار السياسي والصراعات والحكم الضعيف، مما يؤدي إلى تفاقم لعنة الموارد.
تعاني الدول الغنية بالثروات بالإضافة إلى ذلك من نشوب النزاعات الداخلية للسيطرة على الثروات الطبيعية، وخصوصًا عندما ترغب مجموعة محددة بالسيطرة عليها، والحصول على عائدها أو استعمالها لتمويل القتال الداخلي، إذ عانت الدول المنتجة للبترول منذ تسعينيات القرن الماضي من حروب داخلية مرتين أكثر من غيرها من الدول كما حدث في جمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا، كما حدثت نزاعات دوليّة؛ للسيطرة على الدولة المنتجة للبترول، مثل ما حدث عند غزو العراق لكلّ من إيران والكويت، ويوجد جدل واسع بين الباحثين حول مدى توفر معلومات تدعم فكرة أن الدول الغنية بالثروات الطبيعية تكون أكثر عرضة للحروب الدوليّة عن غيرها من الدول.
- اختلال هيكل الإنفاق والاقتراض في الدول
تتذبذب عوائد الدول الغنية بالثروات الطبيعية نتيجة تذبذب الأسعار العالمية لها، واختلاف كميات الإنتاج مع مرور الزمن، مما يترتّب عليه عدم انتظام الدخل، وتواجه تلك الدول بناءً على ذلك صعوبة في ترشيد الإنفاق في ظلّ عدم انتظام معدل العوائد، وتقع هذه الدول في فخ دورات الكساد والرّواج Boom Bust Cycle غالبًا، كما يزداد إنفاق هذه الدول في فترات ارتفاع معدلات العوائد على مشاريع غير إنتاجية مثل إنشاء المعالم الترفيهية والمطارات، لكن تجد هذه الدول نفسها في مأزق مع انخفاض عوائد تلك الثروات الطبيعية وتضطر لخفض الإنفاق واللجوء إلى الاقتراض لتغطية العجز الناجم عن تذبذب العائد.
بالإضافة إلى ذلك تنتهج سياسة الإنفاق غير الرشيدة، والتي تتمثل في ارتفاع مستوى الرواتب الحكومية وسياسة دعم المحروقات غير المدروسة وانخفاض الإنفاق على التعليم والصحة والدعم الاجتماعي، وبالتالي تقع في أزمات مديونية كما حدث في ثمانينات القرن الماضي لفنزويلا والمكسيك عندما انخفضت العوائد النفطية، وتنتقل الأزمة للقطاع الخاص نتيجة توسعه في الاستثمار خلال فترة الرّواج بالإضافة إلى اعتماده على القروض البنكية التي تؤدي إلى إفلاسه، لذلك يجب على الدول الغنية بالثروات الطبيعية ترشيد إنفاقها واتّباع سياسة تراعي فترات الكساد؛ كي لا تقع في فخ المديونية.
- محدودية العوائد الحكومية
تعاني الدول الغنية بالموارد الطبيعية من انخفاض قيمة عوائد الثروة الطبيعية، وذلك في حالة منح عقود امتياز التنقيب والاستخراج لشركات أجنبية، لأنها تستغل الثروات لمصالحها الخاصة أكثر من مراعاتها لحقوق الدول المالكة للثروات، ولا تنص عقود الامتياز أيّ شروط توضّح كلًّا من كيفية اقتسام الأرباح بين الحكومة والشركات والآليات المستقبلية؛ لتعويض خسائر المجتمع بعد نفاد الثروة، أو كيفية معالجة الأضرار البيئية، أو الخسائر المعيشية في المناطق القريبة من مشاريع استخراج تلك الثروات، وتظهر هذه المشكلة في الدول التي تشجّع استخراج الثروات دون استعمال عقود امتياز تراعي حقوقها بربطها بنظام ضريبي فعّال، والذي يعكس بدوره القيمة الفعلية لتلك الثروات.
بينما تفرض بعض الدول كالأرجنتين والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وجنوب أفريقيا معدلات ضريبية أقل من 50%، وتفرض الكاميرون والفلبين والبيرو معدلات ضريبية أقل من 40%؛ والتي لا تتلائم مع القيمة الحقيقية للثروة وتلحق خسائر بتلك الدول، أما عن أنجولا والنرويج وليبيا وتيمور الشرقية يفرضون معدلات ضريبية أكثر من 70%؛ لتتلائم مع القيمة الفعلية لتلك الثروات.
تُعد نسبة المكوّن المحلي للعمالة المحلية في تلك الشركات صغير نسبيًا؛ وذلك نتيجة الخبرات والمهارات العالية التي تحتاجها الصناعات والتي تكون نادرة في تلك الدول، وتعتمد تلك الشركات على استيراد المعدّات من الخارج، مما يُشكّل عبئًا إضافيًا على عوائد تلك الدول ذات الموارد الطبيعية، التي تجد أن أرباح استخراج الثروات وعوائدها تتدفق خارجها، ولذلك يجب على الدول الغنية بالثروات دراسة العقود التي تعطي للشركات التنقيب بما يحفظ حقوقها وحقوق مواطنيها في الوقت نفسه.
التغلّب على تحديات لعنة الموارد
يمكن التغلب على لعنة الموارد من خلال التخطيط الدقيق والتدابير الاستباقية، ويمكن التغلب على هذا التناقض وتحويل ثروة الموارد إلى محفّز للتنمية المستدامة، وسنتعمق في فهم الاستراتيجيات التي تساعد في معالجة لعنة الموارد وتوجيه البلدان نحو الازدهار على المدى الطويل، وهي كالآتي:
- التنويع الاقتصادي
هي الإستراتيجية الأساسية لمكافحة لعنة الموارد في تشجيع التنويع الاقتصادي، ويجب أن تركز الحكومات على تطوير القطاعات غير المرتبطة بالموارد مثل التصنيع والزراعة والسياحة والخدمات، ويستلزم هذا الاستثمار في البنية التحتية، وتحسين الوصول إلى التمويل لرواد الأعمال، وتعزيز الابتكار والتقدم التكنولوجي، وخلق بيئة أعمال مواتية، ويمكن للبلدان تقليل اعتمادها على عائدات الموارد وخلق اقتصاد أكثر مرونة وتوازنًا من خلال تنويع اقتصاداتها.
- الإدارة الفعّالة للموارد
يُعد تعزيز إدارة الموارد أمرًا بالغ الأهمية للتغلب على لعنة الموارد، ويجب على الحكومات إنشاء مؤسسات شفافة وخاضعة للمساءلة لإدارة استخراج الموارد وتنظيم الشركات وضمان التوزيع العادل للإيرادات، ويشمل ذلك تنفيذ أطر قانونية قوية، وتعزيز الشفافية في العقود وتدفقات الإيرادات، وإشراك المجتمع المدني في عمليات صنع القرار، كما تستلزم الحوكمة الفعّالة أيضًا مكافحة الفساد، وتعزيز الممارسات المسؤولة لاستخراج الموارد، وتحقيق التوازن بين الاعتبارات البيئية والفوائد الاقتصادية.
- الاستدامة الاجتماعية والبيئية
يجب معالجة الآثار الاجتماعية والبيئية لاستخراج الموارد لتحقيق التنمية المستدامة، ويجب على الحكومات إعطاء الأولوية لرفاه المجتمعات المحلية المتأثرة بأنشطة الاستخراج، ويتضمن ذلك إجراء تقييمات بيئية شاملة، وفرض لوائح بيئية صارمة، وتعزيز الممارسات المستدامة، بالإضافة إلى ذلك يساعد الاستثمار في البنية التحتية الاجتماعية والتعليم والرعاية الصحية وتنمية المهارات في إنشاء مجتمع أكثر شمولًا وضمان وصول فوائد ثروة الموارد إلى جميع المواطنين.
- تعزيز المؤسسات وسيادة القانون
يُعد بناء مؤسسات قوية وضمان سيادة القانون أمران أساسيان للتغلب على لعنة الموارد، ويجب أن تستثمر الحكومات في بناء القدرات والتدريب المهني والإصلاحات المؤسسية لتعزيز قدرتها على إدارة الموارد بفعّالية، ويشمل ذلك إنشاء هيئات تنظيمية مستقلة، وتعزيز القضاء، وتعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة، ويمكن للبلدان أن تخلق بيئة مواتية للتنمية المستدامة وجذب الاستثمارات المسؤولة من خلال تعزيز المؤسسات.
- التخطيط طويل المدى والانضباط المالي
يجب على البلدان أن تتبنى التخطيط طويل الأجل والانضباط المالي، من أجل التخفيف من حدة التقلّبات المرتبطة بإيرادات الموارد، ويجب على الحكومات إنشاء صناديق ثروة سيادية أو آليات أخرى لتوفير جزء من عائدات الموارد للأجيال القادمة، ويمكن استثمار هذه الأموال في أصول متنوعة محليًا ودوليًا لتوفير الاستقرار خلال فترات تقلّب أسعار الموارد، بالإضافة إلى ذلك يجب على البلدان تنفيذ سياسات مالية حكيمة بما في ذلك تجنّب الإفراط في الاعتماد على إيرادات الموارد، وتطوير أنظمة ضريبية سليمة، وتعزيز الشفافية والمساءلة المالية.
- المحتوى المحلي وإضافة القيمة
يساعد تعزيز المحتوى المحلي والقيمة المضافة في قطاع الموارد على توليد المزيد من الفوائد المستدامة للاقتصاد المحلي، ويجب على الحكومات أن تشجع شركات الموارد على إعطاء الأولوية للمشتريات المحلية والتوظيف وتنمية المهارات، ويتحقق ذلك من خلال تنفيذ سياسات المحتوى المحلي، ونقل التكنولوجيا والمعرفة، وتعزيز الشراكات بين شركات الموارد والشركات المحلية، ويمكن للبلدان أن تخلق تأثيرًا مضاعفًا يقوّي الصناعات المحلية ويعزّز التنويع الاقتصادي من خلال تعزيز المشاركة المحلية وإضافة قيمة إلى الموارد المستخرجة.
- التعاون الدولي والاستثمار المسؤول
يلعب التعاون الدولي والاستثمار المسؤول دورًا مهمًا في التغلب على لعنة الموارد، ويجب أن تشارك الحكومات في حوار بناء مع الشركاء الدوليين والمؤسسات المتعددة الأطراف ومنظمات المجتمع المدني للاستفادة من أفضل الممارسات وتبادل المعرفة، ويُصنّف جذب الاستثمارات المسؤولة التي تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة كأمرٍ بالغ الأهمية، ويمكن للحكومات أن تشجع الممارسات المسؤولة من خلال أطر تنظيمية واضحة ومعايير بيئية واجتماعية وحوافز للشركات التي تعطي الأولوية للتنمية المستدامة.
خاتمة
تعرفنا على لعنة الموارد والتي تمثّل تحديًا معقدًا يواجه العديد من البلدان الغنية بالموارد، ويمكن لواضعي السياسات والحكومات والجهات الفاعلة الدولية التعاون لتطوير استراتيجيات شاملة للتخفيف من آثارها السلبية، وذلك من خلال فهم أسباب ومظاهر هذه المفارقة، ويُعد التنويع الاقتصادي، والحوكمة الشفافة، وتطوير المحتوى المحلي، واستثمار رأس المال البشري، وإدارة الموارد المسؤولة مكونات حيوية في تحويل ثروة الموارد إلى تنمية مستدامة وازدهار مشترك.