يُستخدَم العائد على رأس المال المستثمَر Return on Invested Capital لتقييم كفاءة الشركة في تخصيص رأس المال الموجود تحت تحكمها إلى استثمارات مربحة، ويشار إليها اختصارًا ROIC. يمنحنا العائد على رأس المال المستثمَر فكرة عن مدى جودة أداء الشركة في استخدام رأس مالها من أجل تحقيق أرباح. إن موازنةً عائد الشركة على رأس المال المستثمر مع المتوسط المرجح لتكلفة رأس المال WACC في الشركة يكشف ما إذا كان رأس المال المُستثمَر يسُتخدَم بكفاءة أم لا.
طريقة حساب العائد على رأس المال المستثمر
العائد على رأس المال المستثمَر = هو نسبة صافي الربح التشغيلي بعد الضريبة رأس المال المستثمَر
حيث:
- صافي الربح التشغيلي بعد الضرائب: هو الربح التشغيلي للشركة بعد احتساب الضرائب. يتم حسابه على النحو التالي:
- NOPAT = دخل التشغيل × (1 − معدل الضريبة)
- رأس المال المستثمر: يشمل إجمالي رأس المال المستثمر في الشركة، سواء من حقوق الملكية أو الديون. يتم حسابه على النحو التالي:
- رأس المال المستثمر=إجمالي حقوق الملكية+إجمالي الديون−النقد وما يعادله
يُحسب العائد على رأس المال المستثمَر دائمًا كنسبة مئوية ويُعبر عنه سنويًا. يجب موازنته أيضًا مع تكلفة رأس مال الشركة لتحديد هل هذه الشركة تخلق قيمة أم لا.
إذا كان العائد على رأس المال المستثمَر أكبر من المتوسط المرجح لتكلفة رأس المال الخاصة بالشركة WACC فهذا يعني أن هناك قيمة تُنتَج، وأن تلك الشركات تتداول بسعر ممتاز. يعد المعيار الرائج للأدلة على إنتاج القيمة هي العائد على نقطتيّ نسب مئوية فوق تكلفة رأس مال الشركة.
يُعَد العائد على رأس المال المستثمَر واحدًا من أهم مقاييس تقدير القيمة الغنية بالمعلومات، ولكنها ضرورية بالنسبة لبعض القطاعات أكثر من غيرها، نظرًا لأن الشركات التي تدير منصات استخراج النفط أو تصنيع أشباه الموصلات تستثمر رأس مال بنسبة أكبر بكثير من الشركات التي تحتاج إلى معدات منخفضة.
استراتيجيات تعزيز العائد على رأس المال المستثمر
يُشارك العائد على رأس المال المستثمر في عملية خلق القيمة لأي عمل تجاري، لإنه مقياس حاسم يقيس كفاءة الشركة في تحقيق الأرباح من رأس مالها المستثمر. فيما يلي نظرة شاملة على الاستراتيجيات الرئيسية لتحسين العائد على رأس المال المستثمر الخاص بك:
- تحسين للكفاءة التشغيلية
يجب تنفيذ استراتيجيات لدفع نمو الإيرادات المستدام، بالإضافة إلى استكشاف توسيع حصتك في السوق من خلال الحملات التسويقية الفعالة، أو دخول أسواق جديدة ذات إمكانات نمو عالية، أو إطلاق منتجات وخدمات مبتكرة تلبي احتياجات العملاء المتطورة.
علاؤةً على ذلك لا بد من تعزيز ثقافة الوعي بالتكلفة داخل شركتك، وتبسيط العمليات للتخلص من النفقات غير الضرورية، وتحديد أوجه القصور في سلسلة التوريد لديك ومعالجتها، والاستفادة من التكنولوجيا لأتمتة العمليات وتقليل الهدر، كما يفضل تطوير استراتيجيات التسعير لموازنة الربحية مع القدرة التنافسية في السوق. وإجراء أبحاث سوقية شاملة لفهم حساسية أسعار العملاء وتنفيذ نماذج التسعير القائمة على القيمة التي تعكس القيمة الحقيقية لعروضك.
- تحسين هيكل رأس المال
لا بد من السعي لتحسين معدل دوران الأصول من خلال تعظيم الإيرادات الناتجة عن الأصول الموجودة. يمكن أن يشمل ذلك تنفيذ برامج الصيانة الوقائية لإطالة عمر الأصول، أو ترقية التكنولوجيا لتعزيز الإنتاجية، أو تحسين مستويات المخزون من خلال ممارسات إدارة المخزون الهزيلة.
كما يجب إجراء مراجعة استراتيجية لمحفظة أصولك وتجريد الأصول غير الأساسية أو ذات الأداء الضعيف. يمكنك تحرير رأس المال لمزيد من الاستثمارات الإستراتيجية من خلال التركيز على مجالات الأعمال الأساسية التي تولد عوائد متفوقة.
- إدارة رأس المال العامل
ينبغي تنفيذ إجراءات صارمة لمراقبة الائتمان لتقليل الديون المتعثرة وتقصير متوسط فترة التحصيل. واستكشاف تقديم خصومات على الدفع المبكر لتحفيز العملاء على التسويات في الوقت المناسب.
كما يجب استخدام تقنيات إدارة المخزون الفعّالة، مثل، نماذج التسليم في الوقت المناسب أو نماذج كمية الطلب الاقتصادي للحفاظ على مستويات المخزون المثالية. هذا يُقلل من تكاليف الحمل المرتبطة بالمخزون الزائد ومن مخاطر نفاذ المخزون الذي يمكن أن يعطل الإنتاج أو المبيعات.
بالإضافة إلى ذلك، يجب توسيع شروط الحسابات الدائنة باستراتيجية مع موردين موثوقين كلما أمكن ذلك. يؤدي ذلك إلى تحرير التدفق النقدي على المدى القصير، مع ضمان بقاء شروط الدفع ضمن معايير الصناعة للحفاظ على علاقات إيجابية مع الموردين.
- التخصيص الاستراتيجي لرأس المال: الاستثمار من أجل النمو
يجب إعطاء الأولوية للاستثمارات في المشاريع وقطاعات الأعمال ذات العوائد العالية المتوقعة على رأس المال. يجب إجراء نماذج مالية شاملة وتقييمات للمخاطر لضمان توافق الاستثمارات مع استراتيجية النمو طويلة المدى الخاصة بك وتحقيق عوائد جذابة.
يجب تنفيذ عملية الإنفاق الرأسمالي المنضبط CapEx الصارمة والتي تعتمدة على البيانات لوضع ميزانية رأسمالية. يجب تقييم النفقات الرأسمالية المقترحة بناءً على ملاءمتها الاستراتيجية، والعائد المتوقع على الاستثمار ROI، ومواءمتها مع أهداف عملك العامة.
من الضروري التفكير في فرص الاندماج والاستحواذ M&A الاستراتيجية التي تعزز العائد على الاستثمار، والبحث عن عمليات الاستحواذ التي تخلق أوجه التآزر، أو توسع نطاق وصولك إلى السوق، أو تقدم إمكانات جديدة تكمل أعمالك الحالية وتحفز خلق القيمة على المدى الطويل.
- تحسين هيكل رأس المال: الموازنة بين المخاطر والعائد
يجب تحقيق التوازن بين تمويل الديون وحقوق الملكية لخفض التكلفة الإجمالية لرأس المال. بالمقابل، يوفر تمويل الديون مزايا ضريبية، فإن الإفراط في الدين يمكن أن يزيد من المخاطر المالية. من الضروري المحافظة على نسبة جيدة للدين إلى حقوق الملكية التي تعكس معايير الصناعة لديك وقدرتك على تحمل المخاطر.
يجب التفكير في برامج إعادة شراء الأسهم إذا كان لدى شركتك فائض نقدي وتعتقد أن أسهمها مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية. يؤدي ذلك إلى تحسين العائد على الاستثمار ROIC عن طريق تقليل عدد الأسهم القائمة وإعادة رأس المال إلى المساهمين. مع ذلك، من المهم التأكد من تنفيذ هذه البرامج بطريقة استراتيجية لا تعيق مبادرات النمو المستقبلية.
يمكن للشركات تحقيق تحسن كبير ومستدام في العائد على الاستثمار من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات الشاملة. يُشير العائد على الاستثمار الأعلى إلى ربحية معززة، وتحسين قيمة المساهمين، ومكانة تنافسية أقوى في السوق. تذكر أن الإدارة الفعالة لعائد الاستثمار ROIC هي عملية مستمرة. يجب مراقبة المقاييس الرئيسية بانتظام، وتحسين استراتيجياتك حسب الحاجة، وتعزيز ثقافة اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات لضمان عمل رأس المال الخاص بك دائمًا، مما يؤدي إلى تعظيم العائدات وتحقيق النجاح على المدى الطويل.
استخدامات العائد على رأس المال المستثمر
يتجاوز العائد على رأس المال المستثمر دوره كمقياس بسيط. فهي أداة متعددة الاستخدامات تمكّن الشركات من اتخاذ قرارات مستنيرة، وتحسين الأداء. في نهاية المطاف، إطلاق العنان للقيمة الفائقة للمساهمين. فيما يلي استكشاف أعمق للتطبيقات متعددة الأوجه العائد على رأس المال المستثمر:
- اختيار الاستثمار المناسب
يعمل العائد على رأس المال المستثمر كمنارة، بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن شركات عالية الجودة، لتوجيههم نحو تلك الشركات التي تولد عوائد بكفاءة. يمكن للمستثمرين تحديد الشركات التي تظهر قدرة فائقة على ترجمة رأس المال إلى أرباح من خلال موازنة العائد على الاستثمار عبر شركات مختلفة في نفس الصناعة. هذا يمكّنهم من اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة وتخصيص مواردهم باستراتيجية.
- تقييم الأداء الاستثماري
يُعد العائد على رأس المال المستثمر بمثابة أداة قوية لتقييم الأداء الداخلي إلى جانب جاذبيتها للمستثمرين. يمكن للإدارة الاستفادة منها لتقييم فعّالية قطاعات الأعمال المختلفة أو المشاريع الاستثمارية. يمكن للشركات تحديد المجالات التي تولد عوائد متفوقة وتلك التي تتطلب التحسين من خلال تحليل العائد على الاستثمار العائد على رأس المال المستثمر عبر الوحدات المختلفة. يسمح هذا النهج المبني على البيانات بتخصيص الموارد، وتعزيز ثقافة التحسين المستمر وزيادة العائدات على رأس المال المستثمر عبر المؤسسة بأكملها.
- التخطيط الاستراتيجي
يُعدّ العائد على رأس المال المُستثمر بمثابة بوصلة موثوقة تُوجه الشركات نحو التخطيط الاستراتيجي المُحكم. من خلال دمج أهداف العائد على رأس المال المُستثمر في خططها طويلة المدى، تُتيح الشركات ضمان تخصيص رأس المال بفعالية مُتوافق مع أهداف خلق القيمة.
يُؤدي هذا النهج الاستراتيجي إلى توجيه الاستثمارات نحو المبادرات ذات الإمكانات الأعلى لتوليد عوائد مُجزية على المدى الطويل. تُمكن الشركات نفسها من تحقيق النمو المستدام وتعزيز ميزتها التنافسية في السوق من خلال التركيز على المشاريع التي تُعزز العائد على الاستثمار بوضوح.
- بناء نظام حوافز قوي للموظفين
يمكن أن يكون العائد على رأس المال المستثمَر أداة قيمة لمواءمة حوافز الإدارة مع مصالح المساهمين. تًنشأ الشركات رابط مباشر بين أداء الإدارة وخلق القيمة للمساهمين من خلال دمج العائد على رأس المال المستثمَر في خطط التعويضات التنفيذية. يحفز هذا النهج الإدارة على اتخاذ قرارات استراتيجية تعزز العائد على الاستثمار، مما يؤدي في النهاية إلى شركة أكثر قيمة لمستثمريها.
عيوب العائد على رأس المال المستثمر ROIC
أحد عيوب هذا المقياس هو أنه لا يطلعنا على أي شيء حول قطاع الأعمال الذي ينتج القيمة، وإذا أجريت حساباتك اعتمادًا على صافي الدخل مطروحًا منه توزيعات الأرباح عوضًا عن صافي الربح التشغيلي بعد الضريبة، فيمكن أن تكون النتيجة مبهمة أكثر، نظرًا لأن العائد يكون ناتجًا عن حدث فردي ليس متكرر.
يؤمن العائد على رأس المال المستثمر السياق الضروري لمقاييس أخرى، مثل نسبة السعر إلى الأرباح Price To Earnings. إذا نظرنا إلى نسبة السعر إلى الأرباح بمعزل عن باقي المقاييس، توحي أن سهم الشركة يباع بأكثر من قيمته الفعلية، ولكن هذا الانخفاض يمكن أن يكون سببه أن الشركة لم تعد تحقق دخل للمساهمين فيها نهائيًا أو بنفس قيمة الدخل السابق. من جهة أخرى، الشركات التي تحقق عوائد عالية على رأس المال المستثمر باستمرار تستحق التداول بأفضل سعر موازنةً بالأسهم، حتى لو بدت نسبة السعر إلى الأرباح مرتفعة يعوق ذلك.
الخاتمة
تعرفنا على العائد على رأس المال المستثمَر فهو ليس مجرد مقياس مالي بسيط، حجر الزاوية لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة، وأداة لتقييم الأداء الاستراتيجي، وبوصلة لمواءمة تخصيص رأس المال مع خلق القيمة، ووسيلة لتحفيز الإدارة على إعطاء الأولوية لمصالح المساهمين. من خلال تبني التطبيقات متعددة الأوجه للعائد على رأس المال المستثمَر، يمكن للشركات إطلاق العنان لثروة من الفوائد، مما يدفعها نحو طريق النجاح المستدام.