في عالم الاقتصاد والمالية، اكتسب مصطلح “الشركات الزومبي” اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة. هذه هي الشركات التي تستمر في العمل على الرغم من إعسارها المالي أو عدم قدرتها على تغطية التزامات ديونها بالأرباح الحالية.
لنتعمق في مفهوم الشركات الزومبية، ونستكشف تأثيرها على الاقتصاد، ونناقش الحلول المحتملة لمعالجة هذه الظاهرة.
ما هي شركات الزومبي؟
تتميز شركات الزومبي بعدم قدرتها على تحقيق أرباح كافية لتغطية مدفوعات الفائدة أو التزامات الديون. فهم يعيشون عن طريق اقتراض المزيد من الأموال لخدمة الديون القائمة أو عن طريق تلقي الدعم الخارجي، مثل عمليات الإنقاذ الحكومية أو القروض منخفضة الفائدة. وهذه الدورة الدائمة من خدمة الديون دون تحقيق ربحية مستدامة تصنفهم على أنهم “زومبي”.
تُعرف شركات الزومبي Zombies بأنها الشركات تحصل على ما يكفي من المال للاستمرار في التشغيل لسداد فوائد الديون فقط دون أن تستطيع تُسديد أصل ديونها، وتعاني هذه الشركات من سداد نفقاتها العامة، مثل، سداد فوائد الدين والأجور والإيجار…إلخ، وبالتالي ليس لديها أي رأس مال إضافي لاستثماره لزيادة نمو الشركة.
تنفق شركات الزومبي مصاريف اقتراض عالية، وتتأثر بأي مشكلة تحدث لها بل يمكن أن تدخلها في حالة إعسار مالي Insolvency أو إفلاس، مثل، اضطراب السوق أو الأداء الضعيف في الربع المالي. تعتمد شركات الزومبي على البنوك في التمويل، والبنوك بالنسبة لها طوق نجاتها الدائم، وتُسمى شركات الزومبي أيضًا باسم الموتى الأحياء أو أسهم الزومبي.
عندما تفشل شركات الزومبي سوف تقع ضحية للتكاليف الكبيرة المرتبطة بالدين أو بعمليات محددة، مثل، التطوير والبحث، وينقصها الموارد اللازمة للاستثمار الرأسمالي الذي يخلق النمو، إذا وظفت شركة زومبي عددًا ضخمًا جدًا من الموظفين لدرجة أن فشلها سيتحوّل إلى قضية سياسية، عندئذ نعدها أكبر من أن تفشل Too Big To Fail، وكما حدث في الكثير من المؤسسات المالية خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، بالرغم من ذلك، تصنف هذه الشركات ضمن الاستثمارات الخطرة، مما يؤدي إلى إبقاء أسعار أسهمها تحت السيطرة، نظرًا لتوقع معظم المحللين يتوقعون بفشل الوفاء بالتزاماتها المالية في النهاية.
انتشر الحديث عن الزومبي لأول مرة عندما أشاروا إلى الشركات اليابانية أثناء العقد المفقود Lost Decade في البلاد في التسعينات بعد انفجار فقاعة أسعار الأصول Asset Price Bubble، خلال هذه المدة، دعمت البنوك هذه الشركات لبقائها رغم مرورها بحالة تضخم أو فشل تام وعدم كفاءة، ويجادل الاقتصاديون بإمكانية تحسين الاقتصاد من خلال السماح بالفشل لهذه الشركات ذات الأداء الضعيف.
ظهر مصطلح شركات الزومبي عام 2008 وذلك استجابةً للإعانات التي قدمتها الحكومة الأمريكية للشركات التي شارفت على الانهيار كجزء من برنامج إغاثة الأصول المتعثرة Troubled Asset Relief Program.
إقرأ أيضًا: استراتيجية التخارج: كيف تطور خطة خروج شاملة من الشركة
كيف ظهرت شركات الزومبي؟
تعرف شركات الزومبي بأنها صغيرة الحجم إلا أن السنوات الطويلة التي طبقت فيها السياسة النقدية Monetary policy الفضفاضة التي تتسم بإجراءات التيسير الكمي، والرفع المالي العالي ، وأسعار الفائدة القليلة، ساهمت جميعها في نمو تلك الشركات، ويرى علماء الاقتصاد أن تلك السياسات حافظت على عدم الكفاءة وتعوق الإنتاجية والابتكار والنمو للشركات، وعندما يحدث تحوّل في السوق، ستكون شركات الزومبي أول ضحايا هذا التحول، لأنها لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها الرئيسية، وسيجعل رفع أسعار الفائدة ويُصبح من الصعب على الشركة سداد فوائد ديونها.
تحافظ السياسة النقدية على وظائف العاملين داخل الشركة من خلال المحافظة على سير عمل شركات الزومبي، ولكن يرى الاقتصاديون أنه من الخطأ استعمال الموارد في دعم تلك الشركات، لأنها تعوق من حركة نمو الشركات الناجحة، وبالتالي تُعيق عملية خلق وظائف حديثة.
مخاطر الاستثمار في شركات الزومبي
يصعب توقع عمر شركات الزومبي على الإطلاق، وبالتالي تكون أسهمها ذات مخاطر مرتفعة جدًا، وغير مناسبة لكل المستثمرين، فمثلًا، يمكن أن تعمل شركة تكنولوجيا حيوية صغيرة على استنزاف إجمالي أموالها في التطوير والبحث على أمل الوصول لعقار يحقق نجاحًا مدويًا، ولكن لو فشل العقار، ستفلس الشركة خلال بضعة أيام من الإعلان عنه، ومن جهة أخرى، إذا كان العقار ناجحًا، ستستطيع الشركة من تحقيق الربح وتقليل التزاماتها، ولكن في بعض الحالات، لا تستطيع أسهم شركات الزومبي التغلب على الأعباء المالية الناتجة عن معدلات تكاليفها المرتفعة، فينهار معظمها في النهاية.
لا يفضل معظم المستثمرون التعامل مع شركات الزومبي، ولذلك نجد في شركاتها أحيانًا المستثمرون المستعدون لتحمل المخاطر المرتفعة والباحثين عن فرص للمضاربة.
الخاتمة
يشكل انتشار الشركات الميتة الحية تحديا معقدا يتطلب جهودا تعاونية من صناع السياسات، والجهات التنظيمية، والمؤسسات المالية، والشركات. ومن خلال معالجة الأسباب الجذرية، وتنفيذ ممارسات فعالة لإدارة المخاطر، وتعزيز ثقافة الحصافة المالية، يصبح بوسعنا التخفيف من الآثار السلبية للشركات الميتة الحية وتعزيز اقتصاد أكثر صحة ومرونة.