أصبح استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ضرورة ملحّة في مختلف القطاعات الاقتصادية في ظلّ ما يشهده العالم من تطورات مذهلة في التقنيات الحديثة، وشهدت الخدمات السياحية تطورًا مذهلًا لأن قطاع السياحة يتمتع بالمرونة العالية خلال العقدين الماضيين خصيصًا بعد جائحة كورونا والآثار السلبية التي خلّفتها على قطاع السياحة، ودفع الأمر العالم إلى التركيز على الجانب الرقمي وتقديم الخدمات رقميًا وإعادة هيكلة قطاع السياحة بما يتلاءم مع الواقع الجديد.
فرض هذا الأمر على مؤسسات وشركات السياحة تحديات كبيرة لزيادة قدرتها التنافسية وبقائها واستمرارها في السوق، وبالتالي أصبحت السياحة الرقمية التي نتُجت من اجتماع قطاعا التكنولوجيا والسياحة واقعًا ملحًا لا مهرب منه.
أهمية السياحة الإلكترونية لتنشيط اقتصاد السياحة
تلعب السياحة الإلكترونية أو السياحة الافتراضية دورًا مهمًا في ترويج المقاصد السياحية بطريقة جذّابة غير الطرائق التقليدية، وتسمح للسائح أن يسافر عبر صفحات المواقع ويستكشف المعالم السياحية، إذ يخلق هذا الأمر الرغبة والدافع لديه لزيارتها على أرض الواقع، كما تُتيح المنصات الرقمية للسائح موازنة عروض السفر المختلفة، مما يُمكّنه من اختيار الوجهة التي تُلبي رغباته وتتناسب مع ميزانيته.
تسهم السياحة الإلكترونية في تخفيض تكاليف الخدمات السياحية وإتمام إجراءات السفر من الحجز والدفع لشركات الطيران والفنادق عبر المنصات الرقمية، بالإضافة الى التسهيلات التي توفّرها بعض المواقع من خلال إتمام العمليات المتعلقة بتصريح الدخول للدول (الفيزا) إلكترونيًا أو من خلال شركات الوساطة.
خلقت السياحة الإلكترونية تغيرًا في طموحات واحتياجات السائح نتيجة المنافسة القائمة بين الشركات السياحية في عرض خدماتها والوجهات السياحية مما وفّر بدائل عديدة أمام السائح، بالإضافة إلى رفع طموحاته، دفع هذا الأمر بالعاملين في القطاع السياحي إلى تطوير الخدمات السياحية لتلبي احتياجات السائحين، وأدى ذلك إلى زيادة الدخل من القطاع السياحي والذي انعكس على زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
يمكن التنبؤ باحتياجات قطاع السياحة من خلال تحليل آراء السائحين والتنبؤ بأعدادهم وغيرها من المؤشرات التي تعتمد على تقنيات الذكاء الصنعي والتعلّم الآلي التي توفرها بعض المنصات الإلكترونية المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
ساهمت السياحة الإلكترونية في تنوّع المنتج السياحي من خلال تطوير صناعة المتاحف الرقمية، وكتيبات الإرشاد السياحي الرقمية، ونظارات الواقع الافتراضي، كما تساعد على تحقيق التنمية المستدامة من خلال إدارة المواقع الأثرية والتراثية بطريقة تعتمد على التكنولوجيا الرقمية بشكل شامل، ودعم الاستثمارات السياحية التي تعتمد على استخدام التكنولوجيا التي تخدم البيئة.
الوسائل الأساسية للتحول الرقمي في قطاع السياحة
أصبح الإنترنت مع ازدياد عدد مستخدميه حول العالم وسيطًا هامًا يُقدّم خدمات اتصال وتسويق متنوعة، إذ تُتيح الأدوات الرقمية القوية للمنشآت السياحية بفضل شبكة الإنترنت الحديثة وخاصةً تقنيات الجيل الخامس الترويج لمنتجاتها وخدماتها بطريقة فعّالة عبر مواقعها الإلكترونية وصفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي.
يوفّر الإنترنت من جهة أخرى الوقت والجهد على السائح، إذ يمكنه الحصول على الكتيبات السياحية دون زيارة المكاتب السياحة، بالإضافة إلى حصوله على معلومات حول الطقس والمساكن ومراكز الترفيه، ووسائل النقل ومكاتب السيارات وغيرها من الأمور التي يحتاجها أثناء سفره، كما يمكنه من خلال وسائل التواصل الإلكتروني الحديثة التواصل مع المواقع السياحية بسرعة وسهولة وبدون تكلفة مادية؛ إذ تتيح خدمات إدارة علاقات العملاء CRM الإلكترونية تمكين العملاء الحاليين أو المرتقبين من الحصول على إجابات على استفساراتهم بأقصى سرعة كما تمكّنهم من تسجيل آراءهم حول جودة الخدمة.
تمكّن تقنية النشر المتزامن السائح من الحصول على كل ما يستجد حال نشره على موقع الشركات السياحية المفضّلة لديه، وكما تُتيح خدمات السياحة المحمولة الفرصة للسائح لشراء تذاكر الطيران واستقبال تفاصيل الرحلة والحصول على رقم بطاقة الصعود الإلكترونية إلى الطائرة من خلال كود يرسل إلى الهاتف المحمول، إذ يحدث التعّرف على رقم البطاقة من خلال تمرير الهاتف على جهاز خاص.
يُعد تركيب شاشات تفاعلية أو شاشات تعمل باللمس وتقنيات اللافتات الرقمية في المكاتب والمباني السياحية مهمة لتزويد السائحين برؤية أكثر واقعية، ومساعدتهم في اختيار وجهتهم في حال رغبتهم لزيارة المكاتب السياحية.
المبادرات الرقمية لدول مجلس التعاون الخليجي
أطلقت قطر نظام الملاحة الداخلية الذي وفّر معلومات عن أبرز المعالم السياحية ومراكز التسوّق والملاعب الرياضية والمطارات…إلخ، كما أطلقت المدينة المعززة التي توفّر للسائح كل ما يحتاج إليه من معلومات فورية مطابقة للواقع، مثل وصف المكان والعروض المميزة والفعاليات.
أطلقت دبي برامج المكافآت والولاء الذكية التي تتيح للسياح فرصة الحصول على نقاط والحصول على مكافآت لدى زيارتهم للمواقع السياحية، إذ يمكن استبدال النقاط في سياحة الأماكن المشاركة بهذا البرنامج أو استبدال النقاط بمكافآت تلبي رغباتهم، كما أطلقت كل من بطاقات السفر الموحّدة التي تسمح بالتنقل بين نقاط التفتيش في الأماكن المختلفة من خلال استخدام جهاز رقمي واحد، ومبادرة البوابة الواحدة التي تتيح لزوارها استخدام الهواتف النقالة بدلًا من جواز السفر، وتسمح لهم بالتنقل بين دائرة الهجرة وصالات الوصول وغيرها من نقاط الخدمة في المطار اعتمادًا على تقنيات التعرّف التلقائي على الوجوه والسمات الحيوية؛ بهدف تعريف السياح بأهم الفعاليات التي تستضيفها البلاد مثل المهرجانات والحفلات الموسيقية، كما أطلقت دائرة السياحة والتسويق في دبي منصات الترخيص الإلكتروني والتذاكر الإلكترونية والارتقاء بقطاع الفعاليات.
الخاتمة
تعرفنا على أهمية التحول الرقمي للشركات السياحية والدول إذ أصبح استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ضرورة ملحة في مختلف القطاعات الاقتصادية، وفرض هذا الأمر على مؤسسات وشركات السياحة تحديات كبيرة لزيادة قدرتها التنافسية وبقائها واستمرارها في السوق، كما تلعب السياحة الإلكترونية دورًا كبيرًا في ترويج المقاصد السياحية بطريقة جذابة غير تقليدية عبر المنصات الرقمية، وتغيرًا في طموحات واحتياجات السائح نتيجة المنافسة القائمة بين الشركات السياحية والمستمرة إلى يومنا هذا.