يُعرف الاستهلاك التفاخري Conspicuous Consumption بأنه عمليةً شراء الخدمات أو السلع لاستعراض الثروة، ووسيلة لإبراز مكانة الفرد الاجتماعية خاصة عندما تكون الخدمات والسلع المعروضة على الملأ باهظة الثمن، ويرتبط هذا النوع من الاستهلاك بالأثرياء، ولكنه يمكن أن يظهر في أي طبقة اقتصادية أيضًا.
يُبين عالم الاقتصاد والاجتماع الأمريكي ثورستين فيبلين Thorstein Veblen أن تلك المجموعة تمتلك نسبة عالية جدًا من الدخل القابل للصرف والذي يمكن أن ينفقوه على الخدمات والسلع غير المهمة.
نستعرض في هذا المقال
ما هي ظاهرة الاستهلاك التفاخري Conspicuous Consumption
ينفق المستهلك مبالغ باهظة من أجل التفاخر بثروته للمجتمع، ويشترون سلعًا باهظة الثمن وغير ضرورية لعرض قوتهم وثروتهم على العالم فقط، على سبيل المثال، شراء السيارات الفاخرة والملابس الرياضية باهظة الثمن.
وضح الاقتصادي الأمريكي ثورستين فيبلين نظرية الاستهلاك التفاخري في كتابه نظرية الطبقة الترفيهية The Theory of the Leisure Class، والذي يُشير إلى وجود الاستهلاك التفاخري منذ قرون، أو لآلاف السنين، فإذا نظرنا للنفقات الباهظة للملوك عبر أوروبا ودروع النبلاء المطلية بالفضة والذهب التي لا داعي لها، سنجد أن هناك حاجات في التاريخ صُنعت فقط لتُظهر التفوق عن طريق إظهار الثروة.
امتد الاستهلاك التفاخري عبر التاريخ، فهو سمة متأصلة في البشر، تُستخدم لتباهي ولتقدير واحترام الذات، فإذا كنت أكثر ثراءً من أي شخص آخر في منطقتك، فسوف تشعر أنك متفوق، وهذا يعكس الطبيعة التنافسية الطبيعية لنا كبشر ومن هنا نستطيع التعرف على ظاهرة التفاخر.
أسباب ظاهرة الاستهلاك التفاخري
هناك عدة أسباب لحدوث هذه الظاهرة وهي كالآتي:
- الرأسمالية والنزعة الاستهلاكية
تواجه الرأسمالية العديد من الانتقادات، مثل، الصعود الواضح للنزعة الاستهلاكية. تعزز الرأسمالية رغبة الأشخاص في الحصول على المزيد من الخدمات والسلع بكميات متزايدة باستمرار، عوضًا عن شراء المنتجات الفاخرة، مثل، سيارة فيراري حديثة أو حقائب يد من ماركات باهظة الثمن. أفضل أسلوب لتقديم هذه الأموال هي مساعدة الفقراء على تحقيق احتياجاتهم الرئيسية. تشجع الرأسمالية الإنفاق الباهظ من خلال الإعلان والتسويق، إذ تريد الحكومات أن ينفق المستهلكون المبالغ بهذا الطريقة لأن ذلك يحفز الاقتصاد ويجعل البلدان أفضل.
- التقدم الاقتصادي
يستطيع المستهلكين اليوم أن ينفقوا بوضوح بسبب التقدم المادي الملحوظ في المجتمع، على سبيل المثال، أدى التقدم في التكنولوجيا والزراعة إلى إنتاج الضروريات، مثل، الماء والغذاء ليُصبحا رخيصًا لترك مستوى أعلى من الدخل المتاح للأفراد لمتابعة أشكال أخرى من الاستهلاك، وإظهار الاستهلاك الترفي لدى الأسرة مثل السعودية.
- الطبيعة البشرية
يملك الناس وجهات نظر مختلفة، لذلك يؤيد جزءًا منهم أن الاستهلاك الواضح ضروري ومهم، والبعض الآخر لا يرى ذلك، ولكن تتجه نسبة كبيرة من المستهلكين للانخراط في الاستهلاك التفاخري، بسبب الميل النفسي لإشباع الرغبة في التعرف على الأقران والمكانة الاجتماعية الأعلى.
تبعًا لنظرية فيبلين الأصلية فإن هناك عاملين رئيسيين يساهمان في الاستهلاك التفاخري وهما: التعرف على الأقران والوضع الاجتماعي الأعلى، فإذا كانت هذه العناصر النفسية موجودة عبر تاريخ البشرية مما يدل عليها كعامل أساسي فوق العناصر الأخرى.
- وسائل التواصل الاجتماعي
تسلط وسائل التواصل الاجتماعي الضوء على أنماط الحياة الغنية والباهظة، فعلى سبيل المثال، تصوير الإجازات والسفر إلى خارج المدينة في مناطق عالية التكاليف، مما يجعل المشاهد يميل إلى موازنة نفسه بالأشخاص الآخرين مما يؤدي إلى زيادة الاستهلاك واللجوء إلى استعراض ثروته.
في المقابل، تلعب الموازنة النشطة والمستمرة دورًا مهمًا في الاستهلاك التفاخري، إذ يولد ذلك دافعًا للمنافسة، ويُنشئ حلقة مفرغة تشجع منشورات وسائل التواصل الاجتماعي على تحمل نفقات باهظة لكي يستطيعوا نشر وتقوية مكانتهم الاجتماعي.
الآثار السلبية للاستهلاك التفاخري على المجتمع
يؤثر التفاخر بطريقة سلبية على المجتمع من خلال:
- ارتفاع أسعار بعض السلع إذ تُسعر العلامات التجارية ذات الميزانية المحدودة بتكلفة هامشية، بينما تُباع العلامات التجارية الفاخرة، بالرغم من أنها ليست متفوقة بأسعار أعلى للمستهلكين الذين يسعون للاستهلاك التفاخري.
- زيادة الإنفاق على سلع غير مفيدة.
- زيادة الحساسية بين أفراد المجتمع.
كيفية إيقاف الاستهلاك التفاخري
يصعب جدًا إيقاف الاستهلاك التفاخري عند حد معين، فإذا كان التعرف على الأقران والشعور بمكانة اجتماعية أمرًا ضروريًا، فسيكون من الصعب إيقاف الاستهلاك التفاخري، بالرغم من ذلك.
يجب تحديد مكان وجود الاستهلاك التفاخري على أساس فردي لإيقافها، فهي جزء من العملية الشراء اللمحدودة، فهل هو من أجل توفير الشعور بقيمة الذات أو لإثارة إعجاب الأصدقاء والعائلة؟
أمثلة على الاستهلاك التفاخري
هناك مجموعة من الأمثلة على الاستهلاك التفاخري وهي:
- شراء الملابس من علامات تجارية باهظة الثمن
يتهم الناس بشراء الملابس لأنها تحافظ على دفء المستهلك، والآن هناك مجموعة مختلفة من الطرق والجودة التي تأتي بأسعار مختلفة، مثلًا يدوم بنطال بقيمة 50 دولارًا لمدة أطول من بنطال بقيمة 10 دولارات، بالرغم من ذلك، تأخذ العلامات التجارية للمصممين هذا إلى مستوى مختلف، على سبيل المثال، تبلغ تكلفة سترة الرجال من Louis Vuitton أكثر من 1000 دولار وهي لا تختلف كثيرًا عن الارخص ولكن يفضل البعض شراءها كنوع من أنواع التظاهر والتفاخر.
- شراء مجوهرات للحيوانات الأليفة
يمكن اعتبار المجوهرات عمومًا نوع من أنواع الاستهلاك التفاخري، فهي في النهاية ليست مهمة ولا تخدم أي غرض ملموس حقيقي، بالرغم من ذلك، ينتقل ذلك إلى مستوى أسوء تمامًا عندما يشتري الناس مجوهرات لحيواناتهم الأليفة.
- استهلاك الخضروات العضوية
تختلف الخضروات العضوية قليلًا عن الأمثلة السابقة، فلا تُصنف من الاستهلاكات التفاخرية ولكنها غالية الثمن، فلا يمكن للكثير من الأشخاص ذوي الأجور القليلة تحمل تكاليفها ولكن يشتريها بعض الاشخاص لأنها تخلق إحساسًا بالتفوق المادي.
- الأواني الفضية
يفضل استعمال الأواني الفضية الغالية في بعض المنازل عندما تأتي العائلة والأصدقاء لخلق شعور بالمكانة الاجتماعية وتحقيق التعرف على الأقران.
- شراء السيارات الرياضية
لا يوجد أحد يحتاج إلى سيارة رياضية فهي نفقات زائدة لا حاجة لها، بالرغم من ذلك، يمكن أن يستمتع البعض عندما يقودها، ولكنها لا تستعمل في الشوارع العامة والمدن وبين السيارات، ولكن يشتريها مجرد رمز للثروة ووفرة الأموال.
الخاتمة
تعرفنا على الاستهلاك التفاخري Conspicuous Consumption على أنه عمليةً لشراء الخدمات أو السلع بهدف واحد هو استعراض الثروة، ويعد وسيلة لإبراز مكانة الفرد الاجتماعية خاصة، وظاهرة الاستهلاك التفاخري، وتعرفنا على أسباب ظاهرة الاستهلاك التفاخري، والآثار السلبية للاستهلاك التفاخري على المجتمع، وكيفية إيقافه وأمثلة عنه.