يطّلع المستثمرون وأصحاب الشركات إلى وضع المؤشرات الاقتصادية Economic Indicator قبل البدء في مشروعٍ جديد، إذ تلعب هذه المؤشرات دورًا مهمًا في تقييم صحة وأداء الاقتصاد، وتوفّر رؤى قيّمة في مختلف جوانب النشاط الاقتصادي، وتساعد صانعي السياسات وأصحاب الشركات والمستثمرين على اتخاذ قرارات مستنيرة، لذلك سنستعرض مفهوم المؤشرات الاقتصادية وأنواعها وأهميتها بالإضافة إلى كيفية استخدامها لقياس الظروف الاقتصادية.
تعريف المؤشر الاقتصادي Economic Indicator
تُعرف المؤشرات الاقتصادية بأنها بيانات إحصائية توفّر معلومات حول جوانب مختلفة من النشاط الاقتصادي، وتضم بيانات اقتصادية محددة، وتعكس الحالة العامة للاقتصاد، ومعدل نموه، ومستويات التوظيف، والتضخم، والإنفاق الاستهلاكي، والاستثمار التجاري، وعوامل رئيسية أخرى، ويستخدم المحللون هذه البيانات لتفسير احتمالات الاستثمار الحالية أو المستقبلية، كما تساهم في قياس جودة الاقتصاد ككل.
تنقسم المؤشرات الاقتصادية إلى مؤشرات رائدة ومتأخرة ومتزامنة حسب علاقتها بالدورات الاقتصادية، وتوجد بيانات محددة تصدرها المنظمات والحكومات غير الهادفة للربح، وتحظى بقبول واسع في الأسواق.
المؤشرات الاقتصادية
يُقدم المؤشر الاقتصادي فائدة مهمة إذا فسّر المحللون بياناته تفسيرًا صحيحًا، إذ أظهر التاريخ وجود ارتباطات قويّة بين نمو أرباح الشركات والنمو الاقتصادي؛ الذي يُقاس بالناتج المحلي الإجمالي، لكن يستحيل بالرغم من ذلك التنبؤ فيما إذا كانت إيرادات شركة ما ستنمو اعتمادًا على بيانات مؤشر الناتج المحلي الإجمالي فقط.
تقدّم المؤشرات الاقتصادية علامات على ما يمكن أن يحدث في الاقتصاد، إذ يطّلع بعض المستثمرين على عدة مؤشرات اقتصادية ويدمجونها معًا للحصول على نظرة عميقة للأنماط وعمليات التحقق ضمن مجموعات متعددة من البيانات.
لا يمكن تجاوز الأهمية الموضوعية لأسعار الفائدة ومبيعات المنازل الحالية والناتج المحلي الإجمالي والمؤشرات الأخرى، لكن لماذا نركّز على الأهمية الموضوعية هنا؟
لأن ما نحاول قياسه بالفعل هو تكلفة النقود والاستثمار والإنفاق ومستوى نشاط جزء كبير من الاقتصاد العام.
أنواع المؤشرات الاقتصادية
تُقسم المؤشرات الاقتصادية إلى عدة أنواع أو فئات محددة، إذ تصدر معظم المؤشرات في مواعيد معينة ومعروفة، مما يسمح للمستثمرين بالاستعداد للحصول على معلومات محددة في أوقات معينة من الشهر أو العام، وسنتعرّف على أنواع المؤشرات الاقتصادية بالتفصيل وهي:
- المؤشرات الرائدة Leading indicators
توفّر المؤشرات الرائدة Leading indicators نظرةً ثاقبة للاتجاهات الاقتصادية المستقبلية، وتُستخدم للتنبؤ بالتغيرات في الاقتصاد الكلّي، وتُصنّف بأنها تنبؤية بطبيعتها، وتشمل الأمثلة مؤشرات سوق الأوراق المالية، وتصاريح البناء، واستطلاعات ثقة المستهلك، ومتوسط أسبوع العمل في التصنيع.
تحتوي المؤشرات الرائدة على عدة مؤشرات مثل منحنى العائد yield curve أو البضائع الاستهلاكية شديدة التحمل، وصافي تشكيلات الأعمال، وأسعار السهم share prices؛ وتُستخدم جميعها في توقّع الحركات المستقبلية في الاقتصاد، وستتحرك وتتغير بيانات أو أرقام تلك المؤشرات المالية قبل حدوث أي تغيير في الاقتصاد.
أنواع المؤشرات الرائدة
تتعدد أنواع المؤشرات الرائدة لتشمل:
- مؤشرات إنفاق المستهلك
يُعرف مؤشر الإنفاق الاستهلاكي بأنه محركًا مهمًا للنمو الاقتصادي، مما يجعله مؤشرًا رئيسيًا أساسيًا، وتشمل الأمثلة عنه مبيعات التجزئة، ومستويات ديون الأسرة، واستطلاعات رأي المستهلك، وتشير الزيادة في مبيعات التجزئة إلى ارتفاع طلب المستهلك، والذي يُفسّر على أنه مؤشر رئيسي إيجابي للنمو الاقتصادي.
- مؤشرات الأعمال والتصنيع
تعكس مؤشرات الأعمال والتصنيع صحة القطاع الصناعي، والتي تشمل مقاييس مثل الطلبات الجديدة، ومخرجات التصنيع، والاستثمار التجاري، ومستويات المخزون، وتشير الزيادة في الطلبات الجديدة أو ارتفاع الإنتاج الصناعي إلى نمو النشاط الاقتصادي، مما يشير إلى الآفاق الإيجابية للاقتصاد الكلّي.
- مؤشرات سوق الإسكان
تلعب مؤشرات سوق الإسكان دورًا مهمًا في النشاط الاقتصادي، وتشمل المؤشرات الرائدة في هذا المجال تصاريح البناء، وبناء المساكن، ومبيعات المنازل المعلقة، وتشير الزيادة الطفيفة في تصاريح البناء أو الزيادة في بدء المساكن إلى إمكانية التوسّع في نشاط البناء، مما يؤثر إيجابًا على مختلف قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك التوظيف والإنفاق الاستهلاكي.
- مؤشرات السوق المالية
تعمل الأسواق المالية كمؤشرات رائدة تعكس مشاعر المستثمرين وتوقعاتهم، وتضم الأمثلة عنها مؤشرات سوق الأسهم وعوائد السندات وفروق الائتمان، ويُشير ارتفاع مؤشر سوق الأسهم إلى مستوى الثقة المرتفع في اقتصاد الدولة، بينما يشير تضييق هوامش الائتمان إلى انخفاض المخاوف بشأن مخاطر التخلف عن السداد، ويشير كلاهما إلى النمو الاقتصادي المستقبلي.
- مؤشرات التوظيف
توفّر مؤشرات التوظيف نظرةً ثاقبة على صحة سوق العمل والنشاط الاقتصادي المستقبلي، وتشمل مؤشرات التوظيف مطالبات البطالة، واستقصاءات نوايا التوظيف، ومعدل البطالة، ويعكس الانخفاض في مطالبات البطالة أو الزيادة في نوايا التوظيف تحسنًا في سوق العمل مما يشير إلى التوسّع الاقتصادي المحتمل.
- المؤشرات المتأخرة Lagging indicators
توفّر المؤشرات المتأخرة رؤى قيّمة للأداء السابق للاقتصاد أو الأعمال التجارية أو مجال معين من الاهتمام، كما توفّر بيانات بأثر رجعي يمكن استخدامها لتقييم والتحقق من فعّالية الاستراتيجيات أو السياسات أو الإجراءات المتخذة في الماضي.
تشمل المؤشرات المتأخرة مؤشر سعر المستهلك Consumer price index والذي يُشار إليه اختصارًا CPI، وأسعار الفائدة، ومعدلات البطالة، ولا تظهر هذه المؤشرات كما هو واضح من اسمها إلا بعد حدوث نشاط اقتصادي محدد، وتوضّح البيانات والمعلومات بعد وقوع الحدث، ويُعد مؤشر تقني يظهر بعد التحولات الاقتصادية الضخمة.
أنواع المؤشرات المتأخرة
تتعدد أنواع المؤشرات المتأخرة لتشمل:
- المؤشرات الاقتصادية
تعكس المؤشرات الاقتصادية Economic Indicator المتأخرة الصحة العامة للاقتصاد وأداءه، وتوضّح هذه المؤشرات عادةً التغيرات في النشاط الاقتصادي التي حدثت بالفعل، وتشمل الأمثلة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي Gross domestic product، ومعدلات التوظيف ومعدلات التضخم وإنفاق المستهلكين.
- المؤشرات المالية
تركّز المؤشرات المالية المتأخرة على الصحة المالية واستقرار المنظمات، وتوفّر هذه المؤشرات نظرة ثاقبة للأداء المالي السابق، وتُستخدم هذه المؤشرات غالبًا لتقييم الربحية والسيولة والملاءة المالية، وتشمل الأمثلة صافي الدخل، وربح السهم، والعائد على الاستثمار Return on investment والذي يُشار إليه اختصارًا ROI، بالإضافة إلى نسبة الدين إلى حقوق الملكية.
- مؤشرات السوق
تُقيّم مؤشرات السوق المتأخرة أداء أسواق أو صناعات معينة، ويستخدمها المستثمرون والمحللون غالبًا لقياس ربحية واستقرار قطاعات السوق، وتتضمن الأمثلة أسعار الأسهم ورسملة السوق ونسبة السعر إلى الأرباح أي نسبة السعر إلى العائد وعائد الأرباح.
- المؤشرات المتزامنة Coincident Indicators
تُعرف المؤشرات المتزامنة Coincident Indicators بأنها مقاييس اقتصادية تتبع وتعكس الحالة الحالية للاقتصاد، وتتحرك جنبًا إلى جنب مع النشاط الاقتصادي العام، بعكس المؤشرات الرائدة أو المتأخرة، والتي تتوقع وتؤكد على التوالي التغيرات في الاتجاهات الاقتصادية، وتوفّر بالإضافة إلى ذلك معلومات حول وضع الاقتصاد في الوقت الحالي، وتُستخدم لقياس المستويات الحالية للنشاط الاقتصادي عادةً، مثل التوظيف والإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة.
تشمل المؤشرات المتزامنة مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي Gross Domestic Product، ومستويات التوظيف employment levels، ومبيعات متاجر التجزئة، وتوضّح هذه الفئة من المؤشرات نشاط منطقة محددة، ويتابع الكثير من واضعي السياسات وعلماء الاقتصاد هذه البيانات التي تصدر في أوقات حدوثها الفعلية.
السمات الرئيسية للمؤشرات المتزامنة
توفّر المؤشرات المتزامنة معلومات عن الوضع الحالي للاقتصاد، مما يسمح لواضعي السياسات والمحللين والمستثمرين باتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على أحدث الظروف الاقتصادية، كما ترتبط ارتباطًا وثيقًا بدورة الأعمال؛ وهي نمط التوسّع والانكماش في النشاط الاقتصادي، وترتفع أثناء التوسعات الاقتصادية، وتبلغ ذروتها في ذروة الدورة، وتنخفض أثناء الانكماشات، وتقيس بالإضافة إلى ذلك العوامل التي تعكس النشاط الاقتصادي مباشرةً، وتوفّر نظرة ثاقبة على الصحة العامة وأداء الاقتصاد من خلال مراقبة المتغيرات مثل التوظيف والإنتاج والمبيعات والدخل والناتج المحلي الإجمالي.
أمثلة عن المؤشرات المتزامنة
توجد مجموعة من الأمثلة عن المؤشرات المتزامنة وهي:
- مستويات التوظيف
توضّح مستويات التوظيف عدد الأفراد العاملين، وتُبين نسبة ارتفاع مستويات التوظيف وتأثيرها على التوسع الاقتصادي وسوق العمل الصحي، بينما يشير انخفاض التوظيف إلى الانكماش الاقتصادي وخسارة الوظائف المحتملة.
- الإنتاج الصناعي
يٌعرف مؤشر الإنتاج الصناعي بأنه مؤشر حيوي متزامن يقيس الإنتاج الصناعي الناتج عن قطاعات التصنيع والتعدين والمرافق، ويُقدم نظرة ثاقبة للوضع الحالي للقطاع الصناعي، وتُشير زيادة الإنتاج الصناعي إلى النمو الاقتصادي، أما انخفاض الإنتاج فيُشير إلى ضعف اقتصادي.
- مبيعات التجزئة
يُعد مؤشر مبيعات التجزئة محرك مهم للنشاط الاقتصادي، إذ يُظهر قيمة السلع والخدمات المباعة في قطاع التجزئة، ويُبين مباشرةً الإنفاق الاستهلاكي، وتُشير مبيعات التجزئة القوية إلى وجود اقتصاد مزدهر، في حين أن ضعف المبيعات يُشير إلى تباطؤ.
- الدخل الشخصي
يقيس مؤشر الدخل الشخصي إجمالي الدخل الذي يتلقاه الأفراد من مصادر مختلفة، بما في ذلك الأجور والاستثمارات والتحويلات الحكومية، ويُعد بمثابة مؤشر قيّم لأنه يوفّر نظرة ثاقبة للقوة الشرائية وثقة المستهلك.
أهمية المؤشرات الاقتصادية
تلعب المؤشرات الاقتصادية دورًا مهمًا وحاسمًا في تقييم وفهم الصحة والأداء العام للاقتصاد، وتوفّر هذه المؤشرات معلومات قيّمة حول مختلف جوانب النشاط الاقتصادي، مما يساعد صانعي السياسات والشركات والمستثمرين والأفراد على اتخاذ قرارات مستنيرة، وفيما يلي بعض الأسباب الرئيسية لأهمية المؤشرات الاقتصادية:
- تقييم الأداء الاقتصادي وتوقّع دورات الأعمال
تعمل المؤشرات الاقتصادية كمقاييس لقياس الأداء الاقتصادي العام للبلد، وتوفّر بيانات عن المتغيرات الرئيسية مثل الناتج المحلي الإجمالي Gross Domestic Product، والتوظيف، والتضخم، والموازين التجارية، والتي تساعد على تتبع نمو أو انكماش الاقتصاد مع مرور الوقت، ويمكن لواضعي السياسات تحديد الاتجاهات الاقتصادية وتقييم فعّالية السياسات وإجراء التعديلات إذا لزم الأمر من خلال مراقبة هذه المؤشرات.
تُقدّم المؤشرات الاقتصادية بالإضافة إلى ذلك رؤى حول اتجاه وقوة دورة الأعمال، وتوفّر المؤشرات الرائدة إشارات مبكّرة للنشاط الاقتصادي المستقبلي، مثل أداء سوق الأسهم وثقة المستهلك وتصاريح البناء، وتساعد هذه المؤشرات الشركات والمستثمرين على توقّع التغييرات في الاقتصاد وتعديل استراتيجياتهم وفقًا لذلك، فعلى سبيل المثال، إذا كانت المؤشرات الرئيسية تشير إلى حدوث انكماش اقتصادي وشيك، فيمكن أن تقلل الشركات من الإنتاج أو تستثمر في القطاعات الدفاعية.
- تقييم العمالة وظروف سوق العمل ومراقبة استقرار الأسعار والتضخم
تُعرف مؤشرات التوظيف بأنها مؤشرات حيوية توضّح صحة سوق العمل، مثل معدل البطالة، وفرص العمل، ومعدل المشاركة في القوى العاملة، بالإضافة إلى توفر معلومات حول توافر الوظائف، ومشاركة القوى العاملة، ونمو الأجور، ويمكن لواضعي السياسات من خلال تتبّع هذه المؤشرات قياس مستوى النشاط الاقتصادي وتقييم ظروف سوق العمل واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن سياسات العمل وتنمية القوى العاملة.
يُعرف التضخم بأنه مؤشر اقتصادي حاسم يقيس المعدل الذي ترتفع به أسعار السلع والخدمات مع مرور الوقت، وتساعد مؤشرات مثل مؤشر أسعار المستهلك و مؤشر أسعار المنتجين Producer Price Index على مراقبة الضغوط التضخمية ويُشار إليها اختصارًا PPI، وتراقب البنوك المركزية وصناع السياسات هذه المؤشرات عن كثب لتقييم استقرار الأسعار وتحديد السياسات النقدية المناسبة، ويؤدي التضخم المرتفع إلى تآكل القوة الشرائية، أما انخفاض التضخم أو الانكماش فيُشير إلى ضعف الطلب الاقتصادي.
- تحليل التجارة والعلاقات الدولية
تُعد المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالتجارة الدولية مهمة لتقييم القدرة التنافسية للبلد والعلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، مثل الصادرات والواردات والموازين التجارية، وتساعد هذه المؤشرات صانعي السياسات على تحديد الاختلالات التجارية، وتتبع النمو الذي تقوده الصادرات، وتحليل تأثير السياسات التجارية، وتوفّر بالإضافة إلى ذلك رؤى حول اندماج دولة ما في سلاسل القيمة العالمية واعتمادها على صناعات أو أسواق معينة.
توجّه صياغة السياسات النقدية والمالية المؤشرات الاقتصادية وصانعي السياسات إلى صياغة سياسات نقدية ومالية فعّالة، فعلى سبيل المثال، تستخدم البنوك المركزية مؤشرات مثل معدلات التضخم وبيانات التوظيف لتحديد أسعار الفائدة وإدارة السياسة النقدية.
- تقييم ثقة المستهلك والأعمال
تعكس المؤشرات ثقة المستهلك والأعمال مشاعر وتوقعات الأسر والشركات، وتقيس استطلاعات ثقة المستهلك مواقف المستهلكين تجاه الظروف الاقتصادية وآفاق التوظيف والتمويل الشخصي، وتُقيّم استطلاعات ثقة الأعمال توقعات الاستثمار والإنتاج والربحية، وتؤثر هذه المؤشرات على إنفاق المستهلك وقرارات الاستثمار والنشاط الاقتصادي، ويستخدم صنّاع السياسات والشركات هذه المؤشرات لتقييم المشاعر وتعديل السياسات أو الاستراتيجيات وفقًا لذلك.
- المساعدة في اتخاذ قرارات الاستثمار
تُعد المؤشرات الاقتصادية مهمة للمستثمرين والمؤسسات المالية عند اتخاذ قرارات الاستثمار، إذ توفّر المؤشرات نظرة ثاقبة للمناخ الاقتصادي العام وآفاق الصناعة وظروف السوق المالية، مثل مؤشر نمو الناتج المحلي الإجمالي وأسعار الفائدة وأرباح الشركات، ويستخدم المستثمرون هذه المعلومات لتقييم المخاطر وتحديد فرص الاستثمار وتخصيص الموارد عبر فئات الأصول المختلفة.
تُصنّف المؤشرات الاقتصادية كأدوات أساسية تُسهّل فهم حالة الاقتصاد، والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، واتخاذ قرارات مستنيرة، إذ تساعد على مراقبة الأداء الاقتصادي، وتقييم ظروف سوق العمل، وتحليل الضغوط التضخمية، وتقييم العلاقات التجارية، وقياس المشاعر، وتوجيه استراتيجيات الاستثمار، ويمكن لصانعي السياسات والشركات والأفراد التنقل في الديناميكيات المعقدة للاقتصاد وتكييف إجراءاتهم من خلال الاستفادة من هذه المؤشرات.
عيوب المؤشرات الاقتصادية
لا يخلو الأمر من وجود بعض العيوب للمؤشرات الاقتصادية على الرغم من وجود إيجابيات عديدة لها، لذلك يجب الانتباه لبعض الأمور مثل إدراك قيودها والنظر في نطاق أوسع من المعلومات والتحليلات عند اتخاذ القرارات الاقتصادية، وسنتعمق أكثر في عيوب المؤشرات الاقتصادية:
- مشاكل في الدقة وغياب أنظمة التدقيق الرسمية
تعتمد المؤشرات الاقتصادية على بيانات وتقديرات إحصائية، ويمكن أن تتعرض للأخطاء والمراجعات، لذلك يجب مراجعة الإصدارات الأولية للمؤشرات لاحقًا لتوفير بيانات أكثر دقة، لأن هذه المراجعات في بعض الأحيان تُغيّر التفسير الأولي كثيرًا ويُصبح من الصعب الاعتماد على البيانات الأولية لاتخاذ القرار.
- المقاييس المبسّطة وسياق غير واضح
تعمل عادةً المؤشرات الاقتصادية على تبسيط الظواهر الاقتصادية المعقدة وتحويلها إلى مقاييس فردية، فعلى سبيل المثال، يقيس الناتج المحلي الإجمالي القيمة الإجمالية للسلع والخدمات المنتجة ولكنه لا يلتقط جوانب مثل توزيع الدخل أو التأثير البيئي أو الرفاه الاجتماعي، ويؤدي الاعتماد على هذه المقاييس المبسطة فقط إلى التغاضي عن الفروق الدقيقة المهمة وتشويه الصورة الاقتصادية الحقيقية.
كما تفتقر المؤشرات الاقتصادية إلى السياق الواضح، مما يجعل من الصعب تفسير أهميتها بدقة، ويجب مراعاة التغييرات في المؤشرات في السياق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الأوسع لفهم آثارها كاملًا، ويؤدي عدم مراعاة العوامل السياقية إلى سوء التفسير والقرارات المضللة.
- تقلّب المؤشرات ومحدودية القياس
تكون المؤشرات الاقتصادية متقلبة وتخضع لتقلبات أيضًا، ولا تُبيّن دائمًا الاتجاهات الاقتصادية الأساسية المهمة، كما تتأثر الحركات قصيرة المدى في المؤشرات بعوامل مؤقتة أو ضوضاء إحصائية، مما يؤدي إلى تفسيرات مضللة، لذلك يجب تحليل المؤشرات على مدى فترات أطول والنظر في الاتجاهات بدلًا من الاعتماد على نقاط البيانات الفردية.
يمكن بالإضافة إلى ذلك ألّا تمثّل بعض المؤشرات الاقتصادية جوانب معينة من الاقتصاد أو السكان، فعلى سبيل المثال، يمكن ألّا تضع معدلات البطالة في حسبانها العمال المحبطين الذين تخلّوا عن البحث عن عمل، ويؤدي هذا إلى التقليل من مستويات البطالة الفعلية وتشويه فهم ظروف سوق العمل، كما يمكن ألّا تلتقط مجمل النشاط الاقتصادي، وتركّز على المقاييس الإجمالية غالبًا، مثل الناتج المحلي الإجمالي، والتي لا تعكس تجارب مختلف القطاعات أو المناطق أو المجموعات السكانية، ويؤدي هذا القيد إلى فهم غير مكتمل للمشهد الاقتصادي العام.
- التركيز المفرط على المؤشرات قصيرة الأجل للتحيزات السلوكية والقياسية
تتأثر المؤشرات الاقتصادية بالتحيزات السلوكية وقضايا القياس، فعلى سبيل المثال، تتأثر استطلاعات ثقة المستهلك بالعوامل النفسية، ولا تراعي مقاييس التضخم كامل التغييرات في جودة أو تكوين السلع والخدمات، وتؤدي قضايا التحيزات والقياس بالإضافة إلى ذلك إلى حدوث تشوهات تؤثر على دقة المؤشرات الاقتصادية.
يُركّز المحللون كثيرًا على المؤشرات الاقتصادية قصيرة المدى، وخاصةً تلك المؤشرات التي تجذب انتباه وسائل الإعلام، إذ يؤدي التركيز عليها إلى تحويل الانتباه عن الاتجاهات طويلة الأجل والقضايا الهيكلية التي لها تأثير أكبر على الرفاهية الاقتصادية.
كيف يمكننا الاستفادة من المؤشرات الاقتصادية؟
يمكن للشركات الاستفادة من المؤشرات الاقتصادية من خلال:
- إنشاء خطوط الأساس
يجب على الشركات إنشاء قياسات أساسية من خلال تتبع وتحليل المؤشرات الاقتصادية ذات الصلة باستمرار، ويوفّر هذا نقطة مرجعية لتقييم التغيرات في ظروف السوق وتقييم التأثير على عملياتهم.
- التحليل المقارن
تتيح موازنة المؤشرات الاقتصادية للشركات تحديد الاتجاهات والأنماط عبر فترات ومناطق مختلفة، ويساعد هذا التحليل الشركات على اكتساب فهم أعمق لديناميكيات السوق واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على البيانات التاريخية.
- مراقبة المؤشرات الرئيسية
يجب أن تُركّز الشركات على المؤشرات الرئيسية الأكثر صلة بصناعتها وعملياتها، ويمكن للشركات تبسيط جهود المراقبة الخاصة بها وتخصيص الموارد بطريقة فعّالة من خلال تحديد المؤشرات التي لها أكبر تأثير على أعمالها.
- التعاون مع الاقتصاديين والمحللين
يوفّر التعاون مع الاقتصاديين ومحللي الصناعة للشركات رؤى الخبراء وتفسيرات المؤشرات الاقتصادية بطريقة صحيحة، ويُساعد هؤلاء المهنيون في ترجمة البيانات الاقتصادية المعقّدة وتحويلها إلى معلومات قابلة للتنفيذ وكذلك مساعدة الشركات في اتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على ظروفهم الفريدة.
سوق الأسهم كمؤشر
تتوقع المؤشرات الرائدة اتجاه الاقتصاد مستقبلًا، مثل مؤشر سوق الأسهم نفسه، فبالرغم من أنه لا يُعد أهم مؤشر رائد ولكن يهتم به أغلب الناس؛ إذ تُعد أسعار الأسهم عاملًا ضروريًا لتقدير الأداء المستقبلي، وبالتالي معرفة اتجاه السوق عن طريق سوق الأسهم بشرط أن تكون تقديرات الإيرادات دقيقة.
يوحي السوق القوي بأن تقديرات الإيرادات ستكون مرتفعة مما ينتج عنه نشاط اقتصادي إجمالي مرتفع، وعلى العكس يشير السوق الضعيف إلى أن إيرادات الشركة ستنخفض، لكن توجد بعض القيود التي يجب أخذها في الحسبان عند استعمال سوق الأسهم كمؤشر؛ لأن توافق التقديرات المتوقعة مع الأداء الفعلي غير مضمون، وبالتالي يوجد عنصر خطر دائمًا في التوقعات المبنية على أداء سوق الأسهم.
يتلاعب المتداولون والشركات الكبيرة بالإضافة إلى ذلك بأسعار الأسهم من خلال التداول بأحجام كبيرة مما يؤدي إلى رفع أسعارها، كما يستخدم المتداولون أيضًا استراتيجيات المشتقات المالية المعقدة، والمبادئ المحاسبية الإبداعية سواء كانت قانونية أو غير قانونية، ويكون سوق الأسهم ضعيفًا أمام الفقاعات التي تؤدي إلى نتائج إيجابية غير حقيقة حول الاتجاه المستقبلي للسوق.
الخاتمة
تلعب المؤشرات الاقتصادية دورًا حيويًا في تقييم صحة وأداء الاقتصاد، وتوفّر رؤى قيّمة حول النشاط الاقتصادي، مما يسمح لواضعي السياسات والشركات والمستثمرين باتخاذ قرارات مستنيرة، ويمكن لأصحاب المصلحة مراقبة الاتجاهات الاقتصادية والتنبؤ بالتغيرات وتعديل استراتيجياتهم من خلال فهم اختلاف أنواع المؤشرات الاقتصادية وأهميتها، ويجب مع ذلك النظر في القيود والتعقيدات المرتبطة بالمؤشرات الاقتصادية لضمان تحليل شامل ودقيق للظروف الاقتصادية.