هل تساءلت يومًا كيف يستطيع المستثمرون التحوط من المخاطر أو تحقيق أرباح حتى في ظل تقلبات الأسواق؟ الإجابة تكمن في المشتقات المالية، تلك الأدوات الذكية التي أصبحت حجر أساس في عالم الاستثمار الحديث. لنكتشف معًا ماهية المشتقات المالية، وأهميتها للمستثمرين والشركات، مع استعراض شامل لأنواعها المختلفة وكيفية استخدامها.

تخيل القدرة على إدارة المخاطر المالية، والمضاربة على تحركات السوق، واغتنام الفرص في الاقتصاد العالمي الديناميكي – كل ذلك بأداة واحدة. يفتح عالم المشتقات المالية أبوابه، حيث تتحول العقود إلى أدوات قوية للتحوط والمضاربة والمراجحة. أحدثت هذه الأدوات المالية المتطورة، المرتبطة بقيمة الأصول أو المؤشرات أو الأسعار الأساسية، ثورة في كيفية عمل المستثمرين والشركات. من قاعات التداول المزدحمة في وول ستريت إلى مكاتب إدارة المخاطر في الشركات المتعددة الجنسيات، تشكل المشتقات المالية القوى الخفية التي تدفع كفاءة السوق والابتكار.

لنكتشف كيفية تشكيل المشتقات المالية لمشهدنا الاقتصادي، ونتعمق في تعقيدات العقود الآجلة والخيارات والمقايضات، بما يقدم إمكانات هائلة ومخاطر كبيرة. سواء كنت مستثمرًا متمرسًا أو مبتدئًا، يساعدك فهم المشتقات المالية في التنقل بثقة في أدوات الأسواق المالية المعقدة اليوم.

ما هي المشتقات المالية أهميتها وأنواعها

ما هي المشتقات المالية Financial Derivatives؟

يعرف المشتق المالي بأنه اتفاق تعاقدي من جانب طرفين على قيمة أساسية بواسطة أصل معين أو أمان أو مؤشر أساسي، بعبارة أخرى، تُصنف المشتقات على أنها ضمانات تشتق قيمتها من قيمة أصل مختلف عنه،

هناك الكثير من الأصول الأساسية المتعاقد عليها لمختلف الأدوات المالية مثل العملات والأسهم والسندات والسلع وأسعار الفائدة، وفي حال أردنا دخول هذا السوق فعلينا متابعة أسعار النفط اليوم، وكذلك الذهب، وأزواج العملات المختلفة وغيرها.

وهناك مجموعة من المشتقات المنتشرة التي تُتداول في جميع أنحاء العالم، مثل، العقود الآجلة، وعقود الخيارات والفروقات سنتعرف على كل واحدة منها بالتفصيل.

إقرأ أيضًا: ما هي العقود الآجلة؟ أهميتها وأنواعها ومخاطر استخدامها

تاريخ ظهور المشتقات المالية

تأسست أول بورصات العقود الآجلة في الولايات المتحدة خلال القرن التاسع عشر، حيث أنشئ مجلس شيكاغو للتجارة في عام 1848، وتبعه تأسيس بورصة نيويورك للقطن في عام 1870، التي شهدت تداول الحبوب والقطن. ومع ذلك، شهدت الأسواق المالية ثورة حقيقية في السبعينيات مع إطلاق العقود الآجلة للأدوات المالية في بورصة شيكاغو، حيث تم إدخال عقود الين الياباني والفرنك السويسري، تلاها توفر عقود الأسهم والسندات وأذون الخزانة الأمريكية.

في الثمانينيات، تطورت العقود لتشمل عقود مؤشرات الأسهم مثل مؤشر S&P 500، الذي يعد من بين الأكثر شعبية حتى اليوم. حاليًا، تتوفر مجموعة شاملة من العقود الآجلة التي تشمل الأسهم والسندات والعملات ومؤشرات الأسهم وموارد الطاقة والمعادن وغيرها. وفي هذه المرحلة، أصبحت بورصات العقود الآجلة أكثر تقلبًا مقارنةً بما كانت عليه في السابق. تحدد البورصة شروطًا صارمة للعقود الآجلة مثل:

  1. الصك الأساسي.
  2. حجم العقد.
  3. مدة العقد.
  4. شروط التسليم وما إلى ذلك.

يمكن إغلاق كل عقد قبل تاريخ انتهاء صلاحيته عن طريق اتخاذ موقف معاكس، على سبيل المثال، إذا اشترينا عقدًا للنفط أردنا إغلاقه، فسوف نحتاج إلى بيع هذا العقد، أي اتخاذ صفقة بيع.

يترتب على المستثمر من أجل شراء عقد أن يدفع مبلغًا محددًا، وهو جزء صغير من مبلغ العقد الكامل، مما يسمى بالهامش الأولي، بالإضافة إلى ذلك، يُعدل الربح أو الخسارة يوميًا سواء بالزيادة أو الناقص، وعندما يقل المبلغ الموجود في الحساب عن مستوى الهامش المطلوب، فإن البورصة أو الوسيط سوف يستدعي زيادة الرصيد Margin Call وعلينا دفع ما يسمى بهامش التباين وهو مبلغ نقدي الإضافي اللازم إيداعه من قبل المستثمر لاستمراره في الاحتفاظ بمراكزه المفتوحة بعد تعرضها لخسائر إلى الحد الذي يكون فيه حساب الهامش الخاص به أقل من متطلبات هامش الوقاية.

أنواع المشتقات المالية الأساسية

بعد أن تعرفنا على المشتقات، سوف نتعرف على أنواع المشتقات المالية التي يمكن تداولها في السوق المالي، ويختلف كل نوع من المشتقات عن الآخر ويملك كل مشتق شروط عقد مختلفة، ومعامل خطر مختلف أيضًا.

1. العقود الآجلة Future Contracts

تُعرف العقود الآجلة Future Contracts بأنها اتفاقية بين طرفين هما البائع والمشتري لبيع وشراء سلعة محددة في وقت محدد وبسعر محدد في المستقبل. وفي هذا السياق يمكن للقارئ أن يسأل لماذا نشأت هذه الأدوات المالية؟ حتى نفهم 

على سبيل المثال، يخاف مزارعي الحبوب من انخفاض الأسعار بسبب الإمداد الكبير والحصاد الاستثنائي في السوق، وباستخدام العقود الاجلة يحق له إبرام عقد مستقبلي لبيع كمية محددة من الحبوب في وقت وسعر محدد في المستقبل، فإذا كان هناك بالفعل الكثير من الحبوب في الأسواق، فسوف يستفيد المزارع من بيع محصوله بسعر جيد في حال انخفاض أسعار الحبوب، وبالرغم من ذلك، إذا لم تكن المحاصيل وفيرة ولم تكن الحبوب في السوق متوافرة كما هو متوقع، فلن يتمكن من زيادة السعر والاستفادة من زيادة الأسعار.

ومثال آخر عن العقود الآجلة هو التحوط ضد المخاطر، إذ يمكن أن يخاف صائغ مجوهرات من ارتفاع أسعار الذهب ويبرم عقد آجل لشراء كمية محددة من الذهب بسعر محدد في المستقبل، كانت الرغبة في التحوط ضد المخاطر سببًا في إنشاء العقود الآجلة والمشتقات الأخرى.

هنالك أيضًا تصنيف فرعي وهو العقود الآجلة خارج البورصة Forward Contracts لا تختلف العقود الآجلة العادية عن العقود الآجلة خارج البورصة Forward Contracts، والفرق الأساسي بينهما هو قابلية التفاوض ومكان الحدوث بين الطرفين. إذ تحدث العقود المستقبلية خارج نطاق البورصة في السوق ويمكن التفاوض عليها، على سبيل المثال، تُصّدر شركة تصنيع الأثاث منتجاتها إلى ألمانيا، وفي هذه الحالة، لا يجب التفكير فقط في الحفاظ على الجودة المناسبة لمنتجاتهم، بل وسعر الصرف لزوج العملات بين بلد المنشأ واليورو أيضًا لأنه سيكون مهمًا بالنسبة للمصنّع.

سيكون التعزيز القوي للعملة المحلية مقابل اليورو غير ملائم ويمكن أن يهدد ربحية الأعمال التجارية، وعندما نتلقى 1000 يورو للمنتج وسعر صرف العملة المحلية لنقول افتراضًا هو 4.00، وسيكون الدخل 4000 من العملة المحلية، وعند انخفاض سعر الصرف إلى 3.50، سوف تنخفض الإيرادات إلى 3500 عملة محلية، وعند توقع مثل هذا الموقف، يُسمح للمصدر إبرام عقد آجل، فمثلًا، لبيع اليورو بسعر صرف محدد مسبقًا مع أحد البنوك، وبعد التفاوض على السعر وحجم العقد والفترة التي ستحقق فيها ولا يمكننا تغيير شروط العقد المحدد، على عكس العقد الآجل المدرج في البورصة.

2. عقود الفروقات Contract For Difference

تمثل عقود الفروقات Contract for Difference عقودًا لتبادل الفرق في سعر قيمة الأصل من وقت فتح العقد حتى وقت إغلاقه. لفهم العقود مقابل الفروقات سنشبه الأمر للاستثمار التقليدي وكيفية تداول، وإذا كنا نرغب في الاستثمار في شركة، فسوف نشتري بعض الأسهم بسعر السهم الحالي، وإذا كنا نرغب في الاستثمار في النفط أو الذهب فيمكننا بكل بساطة شراء برميل من النفط أو قطعة من الذهب، وبعد ذلك سننتظر إلى رفع السعر، وبيع الأصل بسعر أعلى، وجني ربحًا من الفرق بينهما.

يشبه تداول عقود الفروقات الاستثمار التقليدي، إذ يمكن فتح صفقة تداول على الأصل بسعر محدد، والانتظار حتى ينخفض السعر أو يزيد، ومن ثم تحقق ربحًا أو خسارة اعتمادًا على هذا الفارق بين السعرين، وتشكل واحدة من أكبر الاختلافات بين تداول العقود مقابل الفروقات والاستثمار التقليدي هو أن ليس لدينا الأصل نفسه بل عقود أسعاره.

تعكس العقود مقابل الفروقات سعر الأصل الأصلي بدلًا من شراء هذا الأصل، ويمكننا التكهن بشأن كيفية تغير سعر ذلك الأصل في المستقبل واستعمال تقلبات الأسعار في عملية الاستثمار عوضًا عن شراء وبيع الأصل نفسه، ومن الأمثلة على العقود مقابل الفروقات هي تداول الفوركس.

3. عقود الخيارات Options Contracts

تطورت عقود الخيارات Options Contracts كثيرًا على مدار العقود القليلة الماضية وإلى يومنا هذا إذ تغطي هذه العقود الآن كل الأدوات المالية تقريبًا، وتحظى هذه العقود بشعبية كبيرة في سوق المُنظّمة وغير المُنظّمة، وتكون الخيارات مجرد عقد بين المشتري وكاتب الخيارات، ويمتلك الطرف الذي اشترى العقد الحق في تنفيذه، ويجب على الطرف المصدر أن يكمل العقد في حال طلب المشتري ذلك، وسيحصل المصدر على مكافأة لإصدار الخيار غير قابل للاسترداد، ويسمى سعر التنفيذ Strike Price أو سعر ممارسة الخيار ويكون التاريخ المُدون في العقد هو تاريخ الاستحقاق أي انتهاء الصلاحية.

تنقسم الخيارات إلى نوعين أساسيين هما خيار الشراء Call option وخيار البيع Put Option.

  1. خيار الشراء Call Option

يمنح خيار شراء الأصل Call option المشتري الحق، ولكن ليس الالتزام، في شراء أسهم شركة بسعر محدد مسبقًا ويُعرف باسم سعر التنفيذ في تاريخ محدد مسبقًا ويُعرف باسم انتهاء الصلاحية. يترتب الالتزام على بائع خيار الشراء، لأنه في حال قرر مشتري الخيار إتخاذ خيار شراء الأسهم المعروف باسم ممارسة الخيار، فإن كاتب الخيار سيكون ملزم ببيع أسهمه إلى المشتري بسعر التنفيذ المحدد مسبقًا.

لنفترض أن أحد المتداولين اشترى خيار على أسهم أبل Apple بسعر تنفيذ قدره 180 دولار أمريكي، وكان من المقرر أن ينتهي بعد ستة أسابيع، وهذا يعني أن المتداول الذي يريد شراء خيار له الحق في تنفيذ هذا الخيار أي شراء الأسهم من خلال دفع 180 دولار للسهم، وفي حال ارتفع سعر سهم آبل إلى 200 دولار، فإن تنفيذ الخيار هذا يُعد صفقة جيدة بالنسبة للمشتري إذ يكون بمقدورهم شراء الأسهم بسعر أقل من السعر الذي يطلبونه في السوق المفتوحة عند انتهاء صلاحية العقد.

سيتوجب على كاتب خيار تسليم تلك الأسهم مقابل 180 دولار أمريكي للسهم الواحد، بغض النظر عن السعر الفعلي لأسهم آبل عند إنتهاء العقد، وفي حال انخفض سعر سهم آبل إلى 150 دولار أمريكي، فإن المشتري غير ملزم بتنفيذ عقد الخيارات، وسيسمح المشتري في هذه الحالة بانتهاء العقد، ويحتفظ الكاتب بأسهمه.

  1. خيار البيع Put Option

يعطي خيار البيع للمشتري الحق في بيع الأسهم الأساسية بسعر تنفيذ محدد مسبقًا ولكن ليس الالتزام، وذلك بحلول تاريخ انتهاء محدد مسبقًا، في هذه الحالة، يُراهن المتداول على انخفاض سعر السهم، ويقتصر أساسًا على البيع أو البيع على المكشوف في السوق. ومثال عن تداول خيارات الأسهم:

لنقول أن أسهم تسلا Tesla تُتداول بسعر 360 دولار أمريكي للسهم وهو أيضًا سعر التنفيذ، وسعر خيار البيع بسعر التنفيذ هذا هو 6 دولارات لكل عقد، والذي ينتهي خلال ثلاثة أشهر، ونظرًا لأن عقد الخيارات الواحد يساوي 100 سهم، فإن تكلفة خيار واحد تساوي 600 دولار (100 سهم × خيار بيع واحد × 6 دولارات)، ويعرف هذا أيضًا بعلاوة الخيار. وسعر التساوي للمتداول هو سعر التنفيذ مطروحًا منه سعر البيع، في هذه الحالة، سيكون المبلغ  360- 6 = 354 دولار أمريكي.

في حال كان سعر السهم الأساسي لتسلا Tesla يُتداول في تاريخ انتهاء العقد، بين 354 دولارًا و 360 دولارًا، فسيكون للخيار بعض القيمة، ولكنه لن يظهر ربحًا، وفي حال بقية سعر السهم فوق سعر التنفيذ البالغ 360 دولارًا، فسوف يصبح الخيار بدون قيمة، وسيخسر المتداول السعر المدفوع للطلب وهو 600 دولار، وإذا تداول سعر السهم إلى 354 دولارًا أو أقل، فسيبدأ المتداول في الربح.

4. عقود المقايضة Swap Contracts

تُعد عقود المقايضة Swap Contracts أو عقود الفائدة هي الأكثر تعقيدًا من بين الأنواع المختلفة لعقود المشتقات، وتكون هذه اتفاقيات خاصة بين طرفين، ويوافق أطراف العقد على تبادل التدفق النقدي في المستقبل تبعًا لصيغة محددة مسبقًا، والضمان الأساسي بموجب عقود المقايضة هو سعر العملة أو الفائدة. نظرًا لأن طبيعة كل من أسعار العملة والفائدة متقلبة، مما تجعل عقود المقايضة مليئة بالمخاطر، وتحمي عقود المقايضة الأطراف من المخاطر المختلفة، ولا تُتَداول هذه العقود في البورصات عن طريق المصرفيين الاستثماريين لأنهم هم الوسطاء لهذه العقود.

أسواق المشتقات المالية

يُعرف سوق المشتقات المالية بأنه واحدًا من أكبر الأسواق عالميًا، إذ يقدر بأكثر من 1 كوادريليون دولار أمريكي، يرجع هذا الحجم الهائل إلى التنوع الكبير في المشتقات المالية المتاحة، والتي تشمل الأصول المتنوعة مثل الأسهم والسندات والسلع والعملات. يفضل العديد من المستثمرين شراء المشتقات بدلاً من الأصول الأساسية.

تجذب المشتقات المالية المستثمرين لقدرتها على تقليل بعض مخاطر السوق والمخاطر الأساسية الموجودة في أدوات الاستثمار التقليدية. تؤثر إصدارات المؤشرات الاقتصادية بشكل مباشر على قيم المحافظ الاستثمارية، وبالرغم من أن توقيت هذه الإصدارات معروف، فإن تقليل المخاطر على المدى القصير يتطلب العمل من خلال أدوات مثل الفوركس أو السندات.

صُممت المشتقات المالية لتوزيع المخاطر على الأطراف الراغبة في تحملها مقابل الحصول على عوائد معينة. وتتميز المشتقات المالية بأن الأحداث التي تحركها مرتبطة بمؤشرات اقتصادية محددة.

لماذا تجارة المشتقات المالية؟

استخدمت المشتقات المالية في الأصل لضمان وجود توازن متناغم في أسعار الصرف للخدمات والسلع المتداولة على نطاق عالمي، ووجد التجار أنه مع وجود اختلافات في أنظمة المحاسبة والعملات، سيكون من السهل على المتداولين العثور على سوق مشتقات مشتركة.

ولذلك السبب الرئيسي لتداول المشتقات هي الغرض والمضاربة من التحوط، إذ يتأمل المتداولون الربح من تغير أسعار الأصول الأساسية أو المؤشرات أو الأوراق المالية.

عندما يبدأ المتداول بالمضاربة على المشتقات، حينها يتمكن من تحقيق ربح إذا كان سعر الشراء أقل من سعر الأصل الأساسي في نهاية العقد الآجل، على سبيل المثال، إذا اشترى شخص ما عقدًا مستقبليًا للأصل X بسعر 100 دولار أمريكي، وبعدها ارتفع سعر الأصل X إلى 110 دولارات بنهاية العقد، فإن هذا الشخص يحقق ربحًا قدره 10 دولارات.

تتمثل المشتقات بعدة أشكال مختلفة، مثل الأنواع المستخدمة لتقليل المخاطر أو التحوط، على سبيل المثال، يمكن أن يرغب التاجر في الاستفادة من انخفاض سعر بيع الأصول، وعندما يدخل المشتق ويستخدم كتحوط يسمح للمخاطر المتعلقة بسعر الأصل الأساسي بنقله بين الطرفين المتورطين في العقد المتداول.

وبالرغم من استخدام المشتقات للمضاربة، فإنها تستخدم أيضًا لإدارة المخاطر Risk Management. تستخدم الكثير من الأطراف المشتقات المالية للتأكد من أنها لا تعاني من تحركات الأسعار غير المناسبة لها في المستقبل القريب، على سبيل المثال، يمكن أن تشتري الشركة المصنعة للحبوب عقود القمح المستقبلية بسعر محدد للتأكد من قدرة الشركة على شراء القمح لبضعة أشهر أسفل الخط، وهذا يحمي الشركة المصنعة للحبوب من الوقوع في وضع لا يمكنها شراء القمح الذي تحتاج إليه إذا ارتفع سعر القمح أكثر من اللازم خلال شهر واحد.

مزايا المشتقات المالية

تؤثر المشتقات المالية بشكل كبير على التمويل الحديث من خلال توفير مجموعة من المزايا للأسواق المالية. تسهم هذه الأدوات في تحسين إدارة المخاطر، حيث ترتبط قيمتها بالأصل الأساسي، مما يسمح باستخدامها للتحوط من المخاطر. على سبيل المثال، يمكن للمستثمر شراء عقد مشتق تتحرك قيمته عكس اتجاه الأصل الذي يمتلكه، مما يعوض الخسائر المحتملة في الأصل الأساسي بأرباح من المشتقات. هذا التحوط يجعل من الممكن تقليل المخاطر المالية بفعالية أكبر.

تعمل المشتقات المالية أيضًا على تعزيز كفاءة الأسواق المالية من خلال تمكين تكرار عائد الأصول عبر عقود المشتقات، مما يساعد على تحقيق توازن بين أسعار الأصول الأساسية والمشتقات لتجنب فرص المراجحة. بالإضافة إلى ذلك، تتيح المشتقات للمؤسسات الوصول إلى أسواق أو أصول غير متاحة لهم بطرق تقليدية، مثل مقايضات أسعار الفائدة التي تمكن الشركات من الحصول على معدلات فائدة أفضل. وأخيرًا، تسمح المشتقات باستخدام الرافعة المالية، مما يتيح للمستثمرين الدخول في صفقات أكبر مما يمتلكونه فعليًا، مما يزيد من إمكانات العوائد، وإن كان يحمل معه مخاطر تكبد خسائر كبيرة.

مساوئ المشتقات المالية

على الرغم من الفوائد التي تقدمها المشتقات للأسواق المالية، إلا أن هذه الأدوات المالية تنطوي على بعض العوائق الكبيرة التي أدت إلى عواقب وخيمة خلال الأزمة المالية في 2007-2008. أدى الانخفاض الحاد في قيمة الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري والتخلف عن سداد الائتمان إلى انهيار الأسواق المالية والمؤسسات حول العالم.

تعرض المشتقات المالية الأسواق لمخاطر عالية من التقلبات الكبيرة، إذ يمكن أن تؤدي تلك التقلبات إلى خسائر ضخمة، ويعقد التصميم المعقد لهذه العقود عملية تقييمها، مما يزيد من المخاطر المتأصلة فيها. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم المشتقات على نطاق واسع في المضاربات، مما قد يؤدي إلى خسائر فادحة عند القيام بالمضاربة دون دراسة كافية. كما تواجه بعض العقود مخاطر الطرف المقابل، حيث يمكن أن يتخلف أحد المشاركين عن الوفاء بالتزاماته التعاقدية، مما يشكل خطرًا إضافيًا على المعاملات المالية. وتظل المشتقات المالية حساسة للغاية للعرض والطلب على الأصل الأساسي، إذ تتأثر قيمتها بانخفاض الطلب أو زيادة العرض، بينما ترتفع قيمتها مع ارتفاع الطلب أو انخفاض العرض في السوق.

إقرأ أيضًا: مفهوم اتفاقيات اعادة الشراء: المفاهيم الأساسية في الأسواق المالية

كيف تسببت المشتقات المالية في الأزمة المالية العالمية عام 2008؟

لعب انتشار المشتقات المالية غير المنظمة دورًا رئيسيًا في تلك الأزمة في السنوات التي سبقت الأزمة المالية في عام 2008، وكان الكثير من الناس في ذلك الوقت كانوا أصحاب قروض بفائدة فقط، وهذا نوع من الرهن العقاري ذو فائدة قابلة للتعديل، وعلى عكس القرض التقليدي، يمكن أن تزداد أسعار الفائدة على هذه القروض مع ارتفاع أسعار الفائدة الاتحادية، وعندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في زيادة أسعار الفائدة، هنا أدرك الأشخاص الذين يحتفظون بهذه الرهون العقارية فجأة أنهم لا يمكنهم تحمل عبئ تكاليف سدادها بعد الآن تخلف معظم الأشخاص عن سداد قروضهم، سرعان من انخفض الطلب على الاستثمار العقاري وزاد العرض.

والأهم من ذلك أن بعض أجزاء الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري كانت عديمة القيمة وكانت أي حزمة من الرهون العقارية التي تأخذ قيمتها من قيمة جميع الرهون العقارية فيها في ذلك الوقت. وبالرغم ذلك، لا أحد يعلم أي أجزاء منها بالضبط، وبما أن لا أحد يفهم تمامًا ما جرى في نفوسهم، فإنه لا يمكن تحديد قيمتها الحقيقية، وأدى عدم اليقين هذا إلى إغلاق الأسوق الثانوية Secondary Markets، وإغلاق البنوك وصناديق التحوط التي كانت تملك الكثير من المشتقات المالية التي فقدت قيمتها والتي لم تستطع أن تبيعها.

سرعان ما توقفت البنوك عن إقراض بعضها بعضًا توقفًا كاملًا بسبب خوفهم من تلقي المشتقات المتعثرة كضمان على القروض، ونتيجة لذلك، بدأوا بالاحتفاظ بالنقود لضمان دفعهم تكاليف العمليات اليومية، وهذا التطور هو الذي أدى إلى الوصول إلى فاتورة إنقاذ البنوك. وصممت بالأصل لتنظيف هذه المشتقات من السجلات حتى تتمكن البنوك من البدء في تقديم القروض مرة ثانية.

الأسئلة الشائعة حول المشتقات المالية

ما هي المشتقات المالية وما هي أنواعها؟

المشتقات المالية هي أدوات مالية تعتمد قيمتها على أصل مالي أو سلعة أو مؤشر مثل الأسهم أو العملات أو أسعار الفائدة، وتستخدم للتحوط أو المضاربة، وتشمل أنواعًا متعددة مثل العقود المستقبلية، الخيارات، المبادلات، والعقود الآجلة.

ما هي أنواع المشتقات المالية الأربعة؟

تشمل العقود المستقبلية (Futures) التي تحدد سعر شراء أو بيع أصل معين في تاريخ مستقبلي، عقود الخيارات (Options) التي تمنح الحق وليس الالتزام بالشراء أو البيع، عقود المبادلة (Swaps) لتبادل التدفقات المالية، والعقود الآجلة (Forwards) التي تحدد الشروط بين طرفين خارج البورصة.

ما هي أبرز أنواع المشتقات المالية؟

تتضمن العقود المستقبلية وعقود الخيارات وعقود المبادلة والعقود الآجلة، وكل نوع يستخدم لتحقيق أهداف مختلفة مثل التحوط ضد المخاطر أو تحقيق أرباح من التغيرات في الأسعار.

ما هي أنواع المشتقات؟

تنقسم المشتقات إلى أربعة أنواع رئيسية هي العقود الآجلة وعقود الفروقات وعقود الخيارات وعقود المقايضة، وتختلف بحسب الهدف وطريقة التداول والسوق الذي يتم فيه التعامل بها.

الخاتمة

تعد المشتقات المالية أدوات قوية توفر فوائد كبيرة لإدارة المخاطر والمضاربة وكفاءة السوق. ومع ذلك، فإنها تشكل أيضًا مخاطر يجب إدارتها بعناية من خلال ممارسات قوية لإدارة المخاطر والرقابة التنظيمية. ومع استمرار الأسواق المالية في التطور، سيظل دور المشتقات المالية حاسما، مما يوفر الفرص والتحديات للمشاركين في السوق. إن فهم تعقيدات هذه الأدوات أمر ضروري للتنقل بفعالية في المشهد المالي الحديث.

المصادر

هل كان المقال مفيدًا؟

نعم
لا
شكرا لمساهمتك في تحسين المحتوى
شاركها.
اترك تعليقاً

منصة المستثمر

في رحلة لتطوير الاقتصاد العربي

روابط
روابط

إخلاء مسؤولية: تعد المعلومات الواردة في هذا الموقع معلومات عامة إرشادية فقط، ولا تقدم منصة المستثمر أية إقرارات أو ضمانات على دقة هذه المعلومات أو صحتها ولا تتحمل منصة المستثمر -بأي حال من الأحوال- أية مسؤولية بما في ذلك الخسائر أو الأضرار الناتجة عن استخدام هذه المعلومات ويجب على من سيستخدم المعلومات الواردة في الموقع اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة والتحقق من صحة المعلومات من مصادرها قبل استخدامها.

منصة المستثمر جميع الحقوق محفوظة © 2025