يستخدم مصطلح الركود والكساد دائمًا في النشرات الاقتصادية وأيضًا في الحوارات التي تجري بين الاقتصاديين وفي المجتمع عمومًا، ويُدّمج الناس في معنى هذا المصطلحين لأنهما يستخدمان لوصف أوقات التدهور الاقتصادي، وهي فترات سيئة بالنسبة للجميع، يشعر الأشخاص خلالها بالخوف والقلق من فقدان وظائفهم، وعدم القدرة على تحمل تكاليف المعيشة أو دفع الفواتير الرئيسية، كما يخشى المستثمرون أيضًا خلالها من خسارة أموالهم، فهل يوجد بالفعل فرق بين كل من الركود والكساد الاقتصادي؟ وإذا كان هناك فرق فما هو؟
ما هو الركود الاقتصادي Recession؟
هو الانخفاض الكبير في النشاط الاقتصادي العام في منطقة محددة، ويُعرف أيضًا بحدوث تدهور اقتصادي لمدة ربعين متتاليين (أي 6 أشهر من بداية الدورة المالية للمنشأة) ويُحدد حدوثه عادة عن طريق الناتج المحلي الإجمالي إضافة إلى مؤشرات شهرية مثل ارتفاع معدل البطالة إذ ينتشر على نطاق كبير ويؤثر تقريبًا على كل قطاع من القطاعات الاقتصادية.
شهد التاريخ نحو 50 حالة ركود اقتصادي، بدايةً من ذعر النحاس في عام 1789 وصولًا إلى الأزمة المالية العالمية عام 2008، وانتشرت حالاتأثناء القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وشهدت الفترة بين عامي 1945 و2001 عشر حالات ركود فقط، وهو عدد قليل جدًا مما شهده العالم في فترات مماثلة فيما مضى.
يرى بعض خبراء الاقتصاد بذلك كدليل على أن الدورات الاقتصادية باتت أقل تقلبًا، وينعكس الركود على الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي Real GDP إضافة إلى كل من مؤشرات الدخل الحقيقي Real Income والعمالة إضافة إلى الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة والجملة. يبدأ الركود عندما تنخفض هذه المؤشرات وينتهي عندما ترتفع مرة أخرى ويمكن أن تستمر فترات التراجع من أشهر إلى سنوات.
ما هو الكساد الاقتصادي Depression؟
يعرف الكساد الاقتصادي Depression بأنه حالة من الركود الشديد طويل الأمد في النشاط الاقتصادي، ويختلف الخبراء الاقتصاديون في تحديد الوقت الزمني فبعضهم يرى أنه يستمر لمدة ثلاث سنوات أو أكثر، ويرى البعض الآخر أن الكساد لا يمتد إلا أثناء الفترة التي يتراجع فيها النشاط الاقتصادي، ويتفق معظمهم على أن الكساد يمتد حتى الفترة التي يعود فيها النشاط الاقتصادي إلى مستويات قريبة من المستويات الطبيعية.
ينتج عن الكساد انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 10% على الأقل في سنة محددة، و يصاحبه انخفاض في مستوى التضخم وارتفاعًا في معدلات البطالة ويرافقها انخفاض حاد في النمو الاقتصادي، ويُعرف الكساد بأنه فترات من الركود المستمر لمدة أكثر من ثلاث سنوات.
ما هو الفرق بين الركود الاقتصادي والكساد الاقتصادي؟
يتشابه الركود والكساد بالأسباب والمؤشرات، لأنهما يمثلان حالات انخفاض في النشاط الاقتصادي، وبالرغم من ذلك فلا يعبر كلا المصطلحين عن نفس المعنى فالاختلافات بينهما عديدة، مثل؛ المدة، والشدة، والتأثير الكلي على الاقتصاد …إلخ، وسيوضح الفرق أكثر بين الركود والكساد من خلال النقاط الآتية:
جهة الموازنة | الركود الاقتصادي Recession | الكساد الاقتصادي Depressions |
---|---|---|
المفهوم | هو مرحلة من مراحل دورة الأعمال والتي تتسم بالهبوط في النشاط الاقتصادي والانخفاض في كل من التوظيف والإنتاج ويؤدي هذا الانخفاض في النشاط الاقتصادي إلى خفض دخل الأسرة وانخفاض قدرتها على الإنفاق مما يعمل على تراجع الكثير من الأُسر والشركات في إجراء الاستثمارات أو عمليات الشراء ضخمة، | هو حالةً من التراجع القوي في دورة العمل ويتميز بمصاحبته لانخفاض شديد في الإنتاج الصناعي وتفشي البطالة إضافةً إلى انخفاض خطير وتوقف النمو في البناء، كما يرافقه انخفاض وتراجع كبير في حركات رأس المال والتجارة الدولية. |
المدة | يحدث لربعين متتاليين على الأقل (أي 6 أشهر). | يستمر الكساد لسنوات كثيرة. |
التأثير على المناطق الجغرافية | محدودة ويمكن أن تقتصر على منطقة جغرافية واحدة. | تحدث في العديد من المناطق الجغرافية. |
الأسباب | يحدث الركود الاقتصادي بسبب أحداث وعوامل اقتصادية مختلفة مثل الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط، والتضخم الاقتصادي، وانهيار الأسواق المالية، والسياسة النقدية السيئة، أو بسبب انهيار سوق العقارات عن طريق المعايير المتساهلة للإقراض بالرهن العقاري. | يحدث الكساد الاقتصادي بسبب فترات الركود المتتالية في الاقتصاد والتي تترافق مع انخفاض في التصنيع والإنفاق والبناء إضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة وأسعار الأسهم المبالغ فيها. |
عدد مرات الحدوث عبر الزمن | حدثت 33 حالة من حالات الركود الاقتصادي المختلفة منذ عام 1854 واستمرت فترات الركود الاقتصادي تقريبًا 11 شهرًا. | حدثت حالة كساد اقتصادي واحدة فقط وهي ما عرفت بالكساد العظيم Great Depression وذلك عام 1929، واستمرت تلك الحالة تقريبًا 10 سنوات أي عقدًا من الزمن. |
الكساد أسوأ كوابيس الاقتصاد
يُعد الكساد أكثر تأثيرًا على الاقتصاد من فترات الركود إذ تعمل الشركات في حالة الكساد الاقتصادي على تقليل الاستثمار وتخفيض الوظائف ويزيد هذا من قدرة الاقتصاد على التعافي؛ فتغلق الشركات وتضيع فرص الاستثمار ويفقد العاملون وظائفهم ومهاراتهم مما يصعب عودة الاقتصاد إلى عافيته ويعني ذلك أن التعافي من الكساد يحتاج وقتًا أطول موازنةً بالركود الاقتصادي.
كان الكساد العظيم واحدًا من أصعب الكوابيس التي مرت في تاريخ البشرية الحديث، واستمر من عام 1929 وحتى 1939 ميلادي، إذ بدأ في أمريكا كركود قبل أن يزداد ويتوسع ويصبح كسادًا في جميع أنحاء العالم، وخصوصًا في أوروبا، وكما هو الحال مع الأزمات الاقتصادية طويلة الأجل، لم يكن هناك سبب واحد للكساد العظيم، بل ساهمت عدة أسباب في حدوثه، ومن ضمنها انهيار سوق الأسهم عام 1929، الذي تسبب في حالة من الذعر، وأدت إلى انخفاض حاد في الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي، مما تحدث انخفاض التصنيع، وزيادة معدل البطالة، وإفلاس الكثير من البنوك.
الخاتمة
تعرفنا على الركود والكساد الاقتصادي وما هو الارتباط بينهما وكيف أنهما حالات انخفاض في النشاط الاقتصادي، ويختلفان في بعض النقاط وهي المفهوم والمدة والتأثير على المنطقة الجغرافي وغيرها.