تعد سندات الشركات عنصرًا حيويًا في الأسواق المالية، حيث توفر وسيلة حاسمة للشركات لزيادة رأس المال وللمستثمرين لتنويع محافظهم الاستثمارية. تأتي سندات الدين هذه، الصادرة عن الشركات، بمستويات مختلفة من المخاطر والمكافآت، مما يجعلها خيارًا جذابًا لمجموعة واسعة من المستثمرين.
لنكتشف طبيعة سندات الشركات وأنواعها وفوائدها ومخاطرها ودورها في المشهد الاقتصادي الواسع.
تعريف سندات الشركات Corporate Bonds؟
تُعرف سندات الشركات بأنها سندات دين تصدرها الشركات لجمع الأموال لأغراض مختلفة، مثل، عمليات التمويل، أو توسيع الأنشطة التجارية، أو إعادة تمويل الديون القائمة. عندما يشتري المستثمرون سندات الشركات، فإنهم يقرضون الأموال فعليًا إلى الشركة المصدرة مقابل دفعات فائدة دورية (مدفوعات القسيمة) وسداد المبلغ الأصلي عند الاستحقاق.
تلعب سندات الشركات Corporate Bonds دورًا مهمًا في الاقتصاد من خلال تسهيل تكوين رأس المال والاستثمار. تستطيع الشركات إصدار السندات جمع الأموال لتمويل مشاريعها، أو توسيع عملياتها، أو الاستثمار في البحث والتطوير. يدعم تخصيص رأس المال هذا النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى خلق فرص العمل، والابتكار.
بالإضافة إلى ذلك، توفر سندات الشركات للمستثمرين فرصًا لكسب عوائد الدخل الثابت مع تنويع محافظهم الاستثمارية. تساهم أسواق السندات أيضًا في التخصيص الفعال لرأس المال من خلال تمكين الشركات من الوصول إلى التمويل من مجموعة متنوعة من المستثمرين في جميع أنحاء العالم.
تُستخدم السندات كضمان دين تصدره الشركة ويُباع للمستثمرين، ويدعم السندات من خلال قدرة الشركة على الدفع، وتُشير إلى المبالغ التي يمكن الحصول عليها من العمليات المستقبلية، وتستخدم في بعض الحالات الأصول المادية للشركة كضمان للسندات. تمتلك سندات الشركات مخاطر أعلى من السندات الحكومية، لذلك أسعار فائدتها أعلى دائمًا حتى مع الشركات ذات الجودة الائتمانية العالية.
المكونات الأساسية لسندات الشركات
تتميز سندات الشركات بأنها:
- سعر القسيمة: سعر الفائدة الذي يدفعه المصدر لحاملي السندات، ويُعبّر عنه عادةً كنسبة مئوية من القيمة الاسمية للسند.
- تاريخ الاستحقاق: هو التاريخ الذي يُسدد فيه المصدر المبلغ الأصلي لحملة السندات، فيمكن أن تكون سندات الشركات ذات فترات استحقاق قصيرة الأجل (أقل من سنة واحدة)، أو متوسطة الأجل (من سنة إلى عشر سنوات)، أو طويلة الأجل (أكثر من عشر سنوات).
- القيمة الاسمية: تُسدد القيمة الاسمية للسند لحاملي السندات عند الاستحقاق. والمعروفة أيضا باسم القيمة الاسمية أو الرئيسية.
- التصنيف الائتماني: تُعين وكالات التصنيف الائتماني التصنيفات الائتمانية للسندات بناءً على الجدارة الائتمانية للمصدر وقوته المالية. تشير التصنيفات الائتمانية المرتفعة إلى انخفاض مخاطر الائتمان، بينما تُشير التصنيفات المنخفضة إلى ارتفاع مخاطر التخلف عن السداد.
- العائد: يُعرف العائد السنوي على الاستثمار مع الأخذ عين الاعتبار مدفوعات القسيمة وأي مكاسب أو خسائر رأسمالية عند بيع السند.
أنواع سندات الشركات
تتعدد أنواع السندات لتشمل:
- سندات قابلة للتحويل Convertible Bonds
يُعرف هذا النوع من السندات بأنها أكثر أنواع السندات التي يُفضلها المستثمرون، إذ تمنح هذه السندات لحامليها إمكانية تحويل السندات إلى عدد محدد من الأسهم بعد مدة زمنية معينة. تمنح السندات القابلة للتحويل لحاملي السندات خيار تحويل سنداتهم إلى عدد محدد مسبقًا من الأسهم العادية للشركة المصدرة. توفر هذه السندات إمكانية زيادة رأس المال إذا زاد سعر سهم المصدر ولكن يكون لها معدلات قسيمة أقل موازنةً بالسندات غير القابلة للتحويل.
- السندات القابلة للاستدعاء Callable Bonds
تمنح السندات القابلة للاستدعاء المصدر الحق في استرداد السندات قبل تاريخ استحقاقها، وبسعر استدعاء محدد. تفيد هذه الميزة الجهات المصدرة من خلال السماح لها بإعادة تمويل الديون بأسعار فائدة أقل إذا أصبحت ظروف السوق مواتية.
- السندات الصفرية Zero coupon bonds
تُصدر هذه السندات لفترة محدودة، فيجب على المستثمر دفع ضرائب على القيمة المتراكمة لمدفوعات الفائدة من خلالها لأنه لا يدفعها إلى أن يحين تاريخ الاستحقاق.
- السندات ذات السعر العائم Floating rate bonds
تتميز هذه السندات بأنها تُدفع دوريًا (كل ستة أشهر)، ولها معدلات فائدة متغيرة تتغير بناءً على أسعار فائدة سندات الخزينة.
المخاطر المرتبطة بسندات الشركات
تتعدد المخاطر المرتبطة بسندات الشركات لتشمل:
- مخاطر الائتمان
تُعرف مخاطر الائتمان بمخاطر التخلف عن السداد، فهي مخاطر فشل المصدر في الوفاء بالتزاماته تجاه حاملي السندات (مدفوعات الفائدة وسداد أصل الدين)، تحمل السندات ذات التصنيف الأعلى مخاطر ائتمانية أقل، بينما تحمل السندات ذات التصنيف المنخفض مخاطر تخلف عن السداد أعلى.
- مخاطر معدل الفائدة
تُشير مخاطر أسعار الفائدة إلى مخاطر انخفاض أسعار السندات عندما ترتفع أسعار الفائدة. تربط أسعار السندات وأسعار الفائدة علاقة عكسية؛ فمع ارتفاع أسعار الفائدة، تنخفض القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار السندات.
- مخاطر السيولة
تنشأ مخاطر السيولة عندما يكون المستثمرون غير قادرين على شراء أو بيع السندات بأسعار السوق العادلة بسبب نشاط التداول المحدود أو قلة المشاركين في السوق. فيمكن أن تواجه السندات الأقل سيولة فروق أسعار أوسع بين العطاءات والطلب وتقلبات أكبر في الأسعار.
- مخاطر السوق
تُعرف مخاطر السوق بالمخاطر المنهجية، وهي مخاطر الخسائر الناجمة عن العوامل التي تؤثر على السوق المالية عمومًا، مثل الانكماش الاقتصادي، أو الأحداث الجيوسياسية، أو التحولات في معنويات المستثمرين. تؤثر مخاطر السوق على جميع أنواع الاستثمارات (سندات الشركات).
كيفية عمل سندات الشركات
تًصدر سندات الشركات على شكل رزم من 1000 دولار أمريكي بالقيمة الاسمية، وتتمتع جميعها تقريبًا بمعيار هيكل دفع القسيمة، وبما أن لدى المستثمر سندات، فسوف يتلقى الفائدة من المصدر حتى تاريخ استحقاق السند، وعند هذه النقطة، يمكن أن يستعيد المستثمر القيمة الاسمية للسند، ويكون لدى سندات الشركات شروط شراء للسماح بالدفع المبكر في حال تغيرت الأسعار السائدة، كما يجوز للمستثمرين أن يختاروا بيع السندات قبل استحقاقها.
بيع الشركات للسندات
تُعرف سندات الشركات نوع من أنواع تمويل الدين، فيمكن أن تكون مصدر أساسي لرأس مال الكثير من الشركات جنبًا إلى جنب مع الأسهم وحدود الائتمان وقروض البنوك. تحتاج الشركات إلى امتلاك بعض الأرباح لتكون قادرة على تقديم سندات الدين للجمهور مع سعر قسيمة ملائم. إذا كانت جودة الائتمان المحسوسة للشركة أعلى، فسوف يسهل إصدار المزيد من الدين بأسعار منخفضة أما إذا كانت زيادة رأسمالية قصيرة الأجل جدًا، فسوف تبيع ورقة تجارية تشبه إلى حد كبير السندات ولكن تنتهي خلال 270 يوم وما دون.
كيف تُباع سندات الشركات
تُصدر إحدى الشركات مجموعة من سندات الشركات في البداية، وتطلب من أي بنك استثماري بأن يجري عملية الاكتتاب والتسويق لهذه السندات للمستثمرين، وبعد ذلك يشتري أحد المستثمرين النوع من أنواع سندات الشركات، ويتلقى مدفوعات فائدة منتظمة من الشركة المُصدّرة لتلك السندات حتى تاريخ استحقاق السند، وعند الوصول إلى تاريخ الاستحقاق يستعيد المستثمر القيمة الإسمية للسند.
هناك بعض الحالات التي يرغب المستثمرون بيع السندات الخاصة بهم عن طريقها قبل تاريخ استحقاقها، فإذا بيعت السندرات فسوف يحصل مالك السند على قيمة اسمية أقل من القيمة الاسمية الأصلية للسند، وتحدد القيمة الاسمية التي سيحصل عليها مالك السند في هذه الحالة تبعًا لعدد المدفوعات التي لا تزال مستحقة الدفع عليه. يستطيع المستثمرون أن يحصلوا على سندات الشركات عن طريق الاستثمار في الصناديق المشتركة أو الصناديق المتداولة.
ما الفرق بين أسهم وسندات الشركات؟
عندما يشتري المستثمر سندات الشركة، فهو يقرض المال للشركة، وعلى عكس ذلك، عندما يشتري المستثمر الأسهم، فهو يشتري جزء من الشركة إذ تنخفض وترتفع قيمة الأسهم مع قيمة الشركة، مما يتيح للمستثمرين فرصة الحصول على الأرباح، بالمقابل يخضع المستثمرين للخسائر أيضًا. يحصل المستثمرين مع السندات على الفائدة عوضًا عن الأرباح. إذا اتجهت الشركة نحو الإفلاس، فإنها تدفع لحاملي السندات إلى جانب الدائنين الآخرين قبل المساهمين، مما يجعل السندات أكثر ضمانًا من الأسهم.
الخاتمة
ختامًا تُعد سندات الشركات Corporate bonds أدوات استثمارية قوية وفعالة، تُتيح للمستثمرين ذوي مختلف مستويات المخاطرة تحقيق أهدافهم المالية على المدى الطويل. ولكن، يبقى على المستثمرين توخي الحذر وإجراء البحوث اللازمة لفهم طبيعة المخاطر المُرتبطة بهذا النوع من الاستثمارات، واتباع استراتيجيات استثمارية مُتنوعة تضمن تحقيق التوازن بين العائد والمخاطرة.