تتنوع أشكال الشركات وتختلف قوانينها بناءً على طبيعتها وهيكلها التنظيمي. من بين هذه الأشكال، تبرز شركة المساهمة كواحدة من أكثر الأنواع انتشارًا وأهمية في الاقتصاد الحديث. لكن ما الذي يجعل شركة المساهمة مميزة؟ وما هي خصائصها التي تميزها عن غيرها من الشركات؟
سنتعرف على مفهوم شركة المساهمة، ونلقي الضوء على أهميتها وكيفية عملها، بالإضافة إلى استعراض الأنواع المختلفة لشركات المساهمة والمزايا التي تقدمها لأصحابها والمستثمرين.
تعريف الشركة المساهمة Joint-Stock Company
تُعرف الشركة المساهمة Joint-Stock Company بأنها نوع من الشركات القانونية التي يقسم فيها رأس مال الشركة إلى حصص متساوية تسمى أسهم Stocks (أو حصص Shares) ويمكن لعامة الناس شراؤها وأن يصبحوا مساهمين في الشركة، ولهم فيها حقوقًا محددة. ظهرت الشركات المساهمة في القرن الثالث عشر في أوروبا، لكنها سرعان ما انتشرت بدءًا من القرن السادس عشر.
عدد الشركاء في شركة المساهمة
يحدد قانون الشركات في غالبية الدول أنه يجب أن يكون هناك حد أدنى لعدد مؤسسي الشركة يمكن أن يكون أبتدءًا من عضوين، ويصل الحد الأقصى إلى 50 شخصًا، وهذا فرق كبير بالنظر إلى أن الحد الأدنى لعدد الأعضاء بالنسبة للشركات المحدودة العامة Public Limited Companies هو 7 أشخاص بينما لم يُحدد الحد الأقصى للأعضاء.
أنواع الشركات المساهمة
من أشهر أنواع شركات المساهمة هي شركات المساهمة المغفلة Anonymous Joint Stock Companies، وسميت كذلك لأنها تُغفل أسماء المساهمين فيها ولا تضع اسم أية شخص ضمن اسمها التجاري لتمييزها عن شركات الأشخاص التي تسمى باسم مؤسسيها، وهناك أنواع أخرى لشركات المساهمة مثل “شركات التوصية بالأسهم، والتي تعد مزيجًا من شركات الأموال والأشخاص، إذ تشمل شركاء موصين مسؤوليتهم محدودة بمقدار الأسهم المخصصة لهم، والنوع الثالث هو الشركات ذات المسؤولية المحدودة التي تتألف من عدد أكبر من الشركاء لكنه يبقى محدودًا بنحو 50 شريكًا، كل منهم مسؤول عن الالتزامات بحدود حصته من أسهم الشركة.
يمكن تقسيم الشركات المساهمة إلى نوعين هما:
- شركة مساهمة عامة Public Joint Stock Company: تتألف هذه الشركات من عدد كبير من المساهمين، ولا يعرفُ المساهمون بعضهم بعضًا، كما يكون رأس مالها مقسمًا إلى عدد من الأسهم متساوية القيمة، و مخصصة للتداول في سوق الأوراق المالية بصورة اكتتاب عام أي على الجمهور.
- شركات مساهمة خاصة Private Joint Stock Company: تكون مؤلفة عادةً من عدد من المساهمين الذين تربط بينهم صلة معرفة، مثل أن يكونوا من عائلة واحدة، وفي هذه الحالة تسمى الشركة الأهلية. كما يكون نظامها مماثلًا للنوع الأول العام من حيث تقسيم رأس المال إلى أسهم متساوية، لكن في هذه الحالة لا يمكن للشركة طرح أسهمها في سوق الأوراق المالية بطريقة الاكتتاب العام، في حال رغبة أحد المساهمين بطرح أسهمه، فهو مضطر لطرحها بطريقة الاكتتاب الخاص بين المساهمين في الشركة فقط، وباتفاق بين جميع المساهمين.
إقرأ أيضًا: الشركة الافتراضية: إطلاق العنان لإمكانات نماذج الأعمال الرقمية
الفرق بين شركة المساهمة العامة والخاصة
تتألف شركات المساهمة من شركات مساهمة عامة وشركات مساهمة خاصة، إذ يمثل النوعين كيانين مختلفين، ويمكن توضيح الفرق بين شركة المساهمة العامة والخاصة كما يأتي:
- الحد الأدنى للأعضاء: يكون الحد الأدنى المطلوب لبدء شركة المساهمة العامة هو 7 أشخاص، بينما يمكن بدء تشغيل شركة المساهمة الخاصة بعضوين كحد أدنى.
- الحد الأعلى للأعضاء: لا تمتلك الشركات المساهمة العامة حدًا أقصى لعدد الأعضاء، إذ تعد هذه الميزة من أهم مميزات شركة المساهمة العامة، بينما لا يمكن لشركات المساهمة الخاصة أن تمتلك أكثر من 50 عضوًا، وذلك تبعًا لشروط محددة.
- الإدارة: يجب أن تمتلك شركات المساهمة العامة ثلاثة مدراء كحد أدنى في الإدارة، في حين يمكن لشركات المساهمة الخاصة أن يكون لديها مديرين كحد أدنى.
- الاجتماعات: في حالة شركة المساهمة العامة، من الضروري عقد اجتماع عام قانوني للأعضاء، أما في الشركات المساهمة الخاصة فلا يوجد مثل هذا الإجراء.
- مشاركة الأسهم: يمكن لشركات المساهمة العامة دعوة الجمهور العام أي كل شخص لا ينتمي إلى الشركة للاشتراك في أسهم الشركة، بينما لا تمتلك شركات المساهمة الخاصة الحق في دعوة الجمهور العام للاشتراك.
- تحويل الأسهم: إمكانية نقل السهم من شخص إلى آخر في شركة المساهمة الخاصة مقيدة كليًا، وعلى عكس الشركات المساهمة العامة بوسع حاملي أسهمها أن ينقلوا أسهمهم بحرية.
- الامتيازات الخاصة: ليس لدى شركات المساهمة العامة أية امتيازات خاصة، بينما في شركات المساهمة الخاصة هنالك الكثير من المزايا مثل عدم تقديم نشرة الاكتتاب كوثيقة قانونية رسمية تضم تفاصيل بشأن عرض الإستثمار لبيع عامة الناس جزء من الشركة والتي تطلبها لجنة الأوراق المالية والبورصة.
خصائص شركة المساهمة
تمتلك شركة المساهمة الخصائص الرئيسية التالية:
- شخصية اعتبارية: تستعمل الشركة اسمًا منفصلًا وختمًا كتوقيع للشركة، وهي كيان قانوني يستطيع إبرام عقود مع طرف ثالث وتكون هذه العقود ملزمة قانونًا عندما يصرح بها مجلس الإدارة باستعمال ختم الشركة.
- مسؤولية محدودة: يتحمل مساهمي الشركات المساهمة مسؤولية محدودة تقتصر مسؤوليتهم على مدى حصتهم في الشركة والمبلغ غير المسدد أو المستحق من الأسهم التي يحتفظون بها.
- ملكية الشركة وإدارتها منفصلان: هناك تمييز واضح بين ملكية الشركة وإدارتها، إذ يصعب على مالكي الشركات التعامل مع الشؤون اليومية للشركة، ولذلك يفوضون هذه المهمة لموظفين إداريين أكفاء يتولون الإدارة اليومية للشركة.
- حياة الشركة لا ترتبط بحياة أعضائها: يتغير أعضاء أو مساهمي الشركة باستمرار، لكن هذا لا يؤثر في حياة الشركة، لأنها نشأت بعقد الإنشاء القانوني والطريقة الوحيدة لإنهائها هي من خلال عقد إغلاق نظامي.
كيفية طرح الشركة المساهمة للاكتتاب
تلجأ شركات المساهمة إلى طرح أسهمها للاكتتاب للحصول على تمويل إضافي لنشاطها بدلًا من اللجوء للأموال الخاصة بالمؤسسين، وبهذا يكون المساهم في شركة الأموال مستثمرًا ومالكًا لحصة منها وليس مقرضًا. يمكن للمساهمين بيع حصتهم من الأسهم جزئيًا أو كليًا سواء من خلال سوق الأسهم إذا كانت الشركة موجودة في البورصة، أو بطريقة مباشرة، ولا تؤثر الحصص المباعة في الشكل القانوني للشركة، ويحصل المساهمون على أرباح سنوية إذا قررت الشركة توزيعها، أو يستطيعون بيع الأسهم في حال ارتفع سعر السهم في السوق المالية أو قُيّمت بسعر أعلى، وفي حال تصفية الشركة يحصلون على قيمة أسهمهم مع مراعاة سداد الديون وقيمة الأسهم الممتازة أولًا.
يُنتخب مجلس الإدارة لتولي إدارة الشركة من قبل المساهمين ونيابة عنهم والذي بدوره يُعيّن مديرًا تنفيذيًا، وتعقد الشركة المساهمة اجتماعًا سنويًا عامًا لكافة المساهمين لمناقشة الحسابات المالية، ويصوت في هذا الاجتماع على القرارات المهمة.
مميزات الشركة المساهمة
يلجأ رواد الأعمال لتصريح الشركة الخاصة بهم كشركة مساهمة وذلك لعدة أسباب نذكر أبرزها:
- رأس المال الكبير: تعد الميزة البارزة في الشركات المساهمة هي قدرتها على جمع رأس مال ضخم عن بيع جزء من أسهمها، مما يتيح لها إنشاء مشاريع كبيرة، إذ يحدد رأس مال الشركات المساهمة تبعًا لقانون الدولة التي أسست فيها هذه الشركة، وفي أغلب الأوقات يكون رأس المال كبيرًا، إذ يُرجع إلى هذا المبلغ في حال إفلاس الشركة دون الاضطرار للجوء إلى أموال الشركاء.
- محدودية مسؤولية الأعضاء: تكون مسؤولية الأعضاء المساهمين في الشركة المساهمة محدودة، كما لا يمكن إجبار أي عضو على تسديد أي مبلغ يزيد عن قيمة أسهمه الاسمية التي يملكها، مما يشجع الأشخاص الذين لا يملكون الكثير من النقود المدخرة لاستثمار أموالهم في هذا النوع من الشركات دون الخوف من الرجوع إلى نقودهم الشخصية.
- التواجد الدائم: لا يؤثر إفلاس أحد الأعضاء أو موته أو حتى نقل أسهمه على وجود الشركة، إذ أن حياة الشركة المساهمة لا تعتمد على حياة أعضائها.
- محدودية الخسائر: تتوقف نسبة تحمل المساهم لخسارة الشركة تبعًا إلى عدد أسهمه الاسمية في الشركة؛ أي لا يتحمل المساهمون الخسائر التي تلحق بالشركة بنسبة واحدة.
عيوب الشركة المساهمة
يؤخذ على الشركة المساهمة بعض الجوانب السلبية، ومن أهمها:
- إجراءات معقدة وطويلة: يمكن أن يستغرق بناء شركة مساهمة عدة أسابيع أو أشهر وهو مكلف في بعض الأحيان.
- الافتقار للسرية: يترتب على الشركة الاحتفاظ بسجلات مفصلة لكل معاملاتها والتي يدققها مدققون من داخل الشركة أو خارجها بصورة منتظمة، وتسليم هذه السجلات للمستثمرين والمالكين لهذه الشركة.
- قلة الاهتمام من جانب المساهمين: يهتم المساهمين بالشركة في الإيرادات وتوزيعات الارباح ومكاسب رأس المال على استثماراتهم، دون أن يكونوا مسؤولين عن إدارتها.
- التأخير في اتخاذ القرار: لا يمكن اتخاذ أي قرار أساسي للشركة إلا بعد الحصول على الموافقات اللازمة في اجتماع مجلس الإدارة، أي لا يُتخذ القرار من قبل شخص واحد فقط، بل من قبل مجلس إدارة الشركة وهذا يحتاج لوقت طويل نسبيًا مما يتسبب في تأخير غير ضروري لعملية اتخاذ القرار.
- الضرائب المرتفعة: عادة ما يُفرض على الشركات المساهمة ضرائب أكبر من باقي أنواع الشركات الأخرى.
- التنظيم المفرط بموجب القانون: تُراقب الدولة الشركة المساهمة، وتفرض عليها شروط كثيرة قبل وخلال فترة التأسيس. كون هذا النوع من الشركات يؤثر كثيرًا على الاقتصاد الوطني.
خطوات تأسيس الشركة المساهمة
يجب على المؤسسين عند تأسيس الشركة المساهمة المرور بعدة خطوات، إذ تختلف هذه الخطوات من بلدٍ إلى آخر، وذلك تبعًا للقوانين المحلية، ولكن تشترك معظم القوانين بالخطوات التالية:
- إبرام العقد النهائي.
- توضيح نظام الشركة القانوني.
- الحصول على كامل التراخيص من الجهات المعنية.
- الحصول على الموافقة لطرح الأسهم على الاكتتاب العام فيما إذا كانت الشركة مساهمة عامة.
- عقد الهيئة التأسيسية العامة، التي بدورها تعلن تأسيس الشركة المساهمة. بعد التأكد من كل إجراءات التأسيس التي تمت أصولًا.
الخاتمة
تعرفنا على الشركة المساهمة وهي نوع من أنواع الشركات القانونية التي يقسم فيها رأس مال الشركة إلى حصص متساوية تسمى أسهم، واطلعنا على أنواع شركة المساهمة، وما الفرق بين شركة المساهمة العامة والخاصة، و مميزات الشركة المساهمة وعيوبها.